يزيد بن مزيد «1» الشيباني وهو يدور في برّيّة الرّقّة على شاطىء الفرات، إذ طلع عليه أعرابيٌ كلبيٌ على ناقة له، فلما صار غير بعيد عقل ناقته، ثم أقبل يوجف «2» حتى وقف بين يدي يزيد، فقال: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته، قال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، ما خطبك أيها الأعرابي؟

قال: أصلح الله الأمير، لم تسألني عن الخطب من قبل أن تسألني عن الاسم والنسب والسبب والبلد؟! قال: يا أعرابي، إذا سألتك عن ذلك ثم عرفتك، فقد صارت المعرفة شافعةً لك في حاجتك، وأيمُ الله ما يحضرني شفيعٌ هو أعز عليَّ من ماء وجهك، فما خطبك يا أعرابي؟ قال: أصلح الله الأمير، دَيْنٌ

فادحٌ. وفقر فاضح. قال: يا أعرابي، وما بلغ ... من دينك الفادح وفقرك

الفاضح؟ قال: أصلح الله الأمير، الدَّين الفادح: خمس مائة دينار، أخذتها في سنين سغبة، فوصلت بها الأرحام، وأطعمت بها الطعام، ابتغاء الأجر، واكتساب الشكر، حتى أجلتني عن البلد الرحب، وحملتني على المسلك الصعب، وأما الفقر الفاضح: فاغتراب وانفراد، ووحدانية وعيال كثيرة من بنين وبنات وأخوات وأمهات مصونات، طالما صنتهن من الحر والقر، فهدمهن الدهر، وكشفهن الفقر، بعد عز وامتناع، وخدمٍ وأتباع، وظلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015