يا خارجة، أجحفت بنفسك، وما كنت تصنع بهذا في مثل هذا الموضع؟! فقال: يا أمير المؤمنين، قدمت بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت في بني مالك بن النجار، فأنت ضيفٌ، وإنما هذا قِرى. قال: يغفر الله لك! هذا أجحف ببني مخزوم، وصلك الله. قال صالح: فقال سليمان: هذا وأبيكم السؤدد! رجلٌ أهدى إليّ- فسمَّى كل ما «1» أهدى له، حتى أتى على آخره- ثم سأل: ما عليه من الدين؟ فقال: خمسة وعشرون ألف دينار، قال: اقضوها عنه، وأمر له بعشرة آلاف «2» دينار، وهلك خارجة في تلك السنة، حين صدر سليمان عن الحج، سنة تسع وتسعين.
عن عكرمة بن الأغر عن أبيه قال: كان الأشعث بن قيس لا يقدم من سفر فيصلي الفجر إلا كسا «3» أهل المسجد ووصلهم، قال: وكانت لي على رجل من كندة ألف وخمس مائة درهم، فأتيته أتقاضاه، فقال: ما عندي شيء، ولكن الأشعث قد قدم اليوم، وما قدم من سفرٍ قط فصلَّى الفجر في المسجد-: إلا كسا «4» ووصل، فاحضرنا بالغداة فصلِّ معنا، فإني لأرجو أن تأخذ مالك. قال: فصليت معهم الفجر، فلما سلّم الإمام قام رجلٌ فقال:
أيها القوم، أقيموا في صفوفكم. ثم أعطى كل رجلٍ حلةً وخمس مائة دره فقال: فجاءني الرجل فأعطاني الخمس مائة درهم التي دفعت إليه، وأعطيت أنا خمس مائة أخرى لنفسي. فانصرفت بألف درهم.