عن الهيثم عن صالح بن حسان قال: قدم عبد الرحمن بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان رحمه الله، وكان رجلاً فقيهاً فاضلاً موسراً كثير الغزو والحج، أعطى حتى بلغت عطاياه قواعد المسجد، قال: فبينا هو يوماً يتغدَّى «1» حيث فرغ من غدائه-: إذ استأذن عليه رجلٌ مكفوفٌ من بني فهرٍ، تقوده أمةٌ سوداءٌ، فقال: يا غلام، طعامك، فأقبل يأكل معه كأنه لم يأكل شيئاً، ثم قال: حاجتك، قال: حفظك الله، شيخٌ من بني فهر، لي أربع بنات، ليس لي ولا لهن إلا الأمة السوداء، فإن خدمتني أضرَّ ذلك بهن، وإن خدمتهن أضرّ ذلك بي، والله ما أصبحت أملك شيئاً، فانظر في حاجتي وصلك الله، فأقبل يعتذر إليه: ويذكر مسيره ومن يأتيه من قومه وما يتكلف، فقلنا: يعطيه خمسة دنانير، فإن أعطاه عشرةً فذلك كثير! فقال:
يا غلام، أعطه أربع مائة دينار، وأخدم كل ابنة له خادماً، وأعطه قائداً، وأجر عليه من مالنا بالسقيا كذا وكذا وسقْاً من تمر. فلما نهض الشيخ قيل له: يرحمك الله! اعتذرت إليه فقلنا: يعطيه خمس دنانير فإن زاده أعطاه عشرة دنانير! فقال: إي والله! لأن يكون فعلي أحسن من قولي أحب إليَّ من أن يكون قولي أحسن من فعلي!! وعن صالح بن حسان قال: لما قدم سليمان بن عبد الملك المدينة أهدى له خارجة بن زيد بن ثابت رحمه الله ألف عرق موز، وألف قرعة عسل أبيض، وألف شاة، ومائة أوزة، وألف دجاجة، ومائة جزور، فقال له سليمان: