وحرس بأعمال البر-: نصر الله واليه، وخذل معاديه، وعضده بالقدر، وسلمه من الغير.
وقالت الحكماء: السلطان خليفة الله في أرضه، والحاكم في حدود دينه وفرضه، قد خصة الله تعالى بإحسانه، وأشركه في سلطانه، وندبه لرعاية خلقه، ونصبه لنصرة حقه، فإن أطاعه في أوامره ونواهيه تكفل نصره «1» ، وإن عصاه فيهما وكله إلى نفسه.
ويجب على السلطان أن لا يلح في تضييع حق ذي الحق، ووضع منزلة ذي المروءة، وأن يستدرك رأيه في صلاح ذلك، ولا يغرَّه أن يرى من صاحبه- المفعول ذلك به- رضىً. فإن الناس في ذلك رجلان: رجل أصل طباعه الشّراسة، فهو كالحيّة التي لو وطئها الواطىء فلم تلدغه-: لم يكن جديدا أن يغره ذلك منها فيعود لوطئها ثانيةً. ورجل أصل طباعه السهولة، فهو كالصندل البارد الذي إذا أُفرط في حكه عاد حاراً «2» مؤذياً.
وقالوا: قلوب الرعية خزائن مَلِكَها «3» ، فما استودعها من شيء فليعلم أنه فيها. وإنما سلطان المَلِك على الأجساد دون القلوب، فإن غلب الناس على ذات أيديهم فلن يقدر أن يغلبهم على قلوبهم.
وقالت الحكماء: عمود الدنيا وصلاح الدين: في مملكة عادلة، وسلطان ورع قوي، ورعية طائعة.
قلت: أذكرني قول الحكيم: «إنما سلطان الملك على الأجساد دون