وأجمع أربابُ السلوكِ على أنَّ حُزْنَ الدنيا غَيْرُ محمودٍ، إلا أبا عثمان الجبريَّ، فإنهُ قالَ: الحزنُ بكلِّ وجهٍ فضيلةٌ، وزيادةٌ للمؤمنِ، ما لمْ يكنْ بسببِ معصيةٍ. قال: لأنهُ إن لم يُوجبْ تخصيصاً، فإنه يُوجبُ تمحيصاً.
فيُقالُ: لا رَيْبَ أنهُ محنةٌ وبلاءٌ من اللهِ، بمنزلةِ المرضِ والهمِّ والغَمِّ وأمَّا أنهُ من منازِلِ الطريقِ، فلا.
فعليكَ بجلب السرورِ واستدعاءِ الانشراحِ، وسؤالِ اللهِ الحياةَ الطيبةَ والعيشةَ الرضيَّة، وصفاءَ الخاطرِ، ورحابة البالِ، فإنها نِعمٌ عاجلة، حتى قالَ بعضُهم: إنَّ في الدنيا جنةً، منْ لم يدخلها لم يدخلْ جنةَ الآخرةِ.
والله المسؤولُ وَحْدَهْ أن يشرح صدورَنا بنورِ اليقينِ، ويهدي قلوبنا لصراطِهِ المستقيمِ، وأنْ ينقذنا من حياةِ الضَّنْكِ والضيِّقِ.
هيَّا نهتفْ نحنُ وإياكَ بهذا الدعاءِ الحارِّ الصّادقِ. فإنهُ لِكشفِ الكُرَبِ والهمِّ والحزنِ: ((لا إلهَ إلا اللهُ العظيمُ الحليم، لا إله إلا اللهُ ربُّ العرشِ العظيمِ، لا إله إلا اللهُ ربُّ السمواتِ وربُّ الأرضِ وربُّ العرشِ الكريمِ، يا حيٌّ يا قيومُ لا إله إلا أنتَ برحمتك أستغيثُ)) .
((اللهمَّ رحمتكَ أرجو، فلا تكِلْني إلى نفسي طرْفَةَ عَيْنِ، وأصلحْ لي شأنيَ كلَّه، لا إله إلا أنتَ)) .