فالحزنُ منهيٌّ عنهُ قوله تعالى: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا} . وقولِه: {وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} في غيْرِ موضعٍ. وقوله: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} . والمنفيُّ كقوله: {فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} . فالحزنُ خمودٌ لجذْوَةِ الطلبِ، وهُمودٌ لروحِ الهمَّةِ، وبرودٌ في النفسِ، وهو حُمَّى تشلُّ جسْمَ الحياةِ.
وسرُّ ذلك: أن الحزن مُوَقِّفٌ غير مُسَيّر، ولا مصلحة فيه للقلب، وأحبُّ شيءٍ إلى الشيطان: أن يُحْزِن العبد ليقطعهُ عن سيرِه، ويوقفه عن سلوكِه، قال الله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} . ونهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((أن يَتَناجَى اثنانِ منهم دون الثالثِ، لأن ذلك يُحْزِنُه)) . وحُزْنُ المؤمنِ غيْرُ مطلوبٍ ولا مرغوبٍ فيه لأنَّهُ من الأذى الذي يصيبُ النفس، وقد ومغالبتُه بالوسائلِ المشروعةِ.
فالحزنُ ليس بمطلوبٍ، ولا مقصودٍ، ولا فيه فائدةٌ، وقدِ استعاذ منه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((اللهمَّ إني أعوذُ بك من الهمِّ والحزنِ)) فهو قرينُ الهمِّ، والفرْقُ، وإنّ كان لما مضى أورثه الحُزْنَ، وكلاهما مضعِفٌ للقلبِ عن السيرِ، مُفتِّرٌ للعزمِ.