إن الماء يترفَّقُ، وإن الريح تُزمجرُ فتدمِّرُ. قرأتُ لبعضِ السلفِ أنه قال: إن مِن فِقْهِ الرجل رِفْقَهُ في دخولِه وخروجِه منه، وارتداءِ ثوبِه وخَلْعِ نعلِه وركوبِ دابتهِ.
إن العَجَلةَ والهوجَ والطيْشَ في أخذ الأمورِ وتناولِ الأشياء، كَفِيلةٌ بحصولِ الضررِ وتفويتِ المنفعِة، لأن الخَيْرَ بُني على الرفقِ: ((ما كان الرفقُ في شيء إلاَّ زانه، وما نُزع الرفقُ من شيء إلاَّ شانهُ)) .
إنَّ الرفق في التعاملِ تُذعنُ له الأرواحُ، وتنقادُ له القلوبُ، وتخشعُ له النفوسُ.
إن الرفيق من البشرِ مِفتاحٌ لكلِّ خَيْرٍ، تستسلمُ له النفوسُ المستعصية، وتثوبُ إليه القلوبُ الحاقدةُ، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} .