إن كنت مكتئباً لعزٍّ قد مضى ... هيهات يُرجعُه إليك تَنَدُّمُ
أو كنت تُشفقُ من حلولِ مصيبةٍ ... هيهات يمنعُ أنْ يحِلَّ تجهُّمُ
أو كنت جاوزت الشباب فلا تقلْ ... شاخ الزمانُ فإنه لا يَهْرَمُ
انظرْ فما زالتْ تُطِلُّ من الثَّرى ... صورٌ تكادُ لحِسْنِها تتكلَّمُ
مرَّتْ آثارٌ ونصوصٌ في الرفقِ، والرفقُ شفيعٌ لا يُرَدُّ في طلبِ الحاجاتِ، ولك أن تعلم أن الطريق الضيق بين جدارين، الذي لا يتسع إلا لمرور سيارةٍ واحدةٍ فَحَسْبُ، لا تدخلُها هذه السيارة إلا برفقٍ من قائدِها وحذرٍ وتوقٍّ، بينما لو أقبل بها مسرعاً وأراد المرور من هذا المكان الضيقِ لاصطدم يمْنةً وَيسْرَةً وتعطلتْ سيارتُه، والطريقُ لم يزِد ولم ينقصْ، والسيارةُ هي هي، لكنَّ الطريقة هي التي اختلفت، تلك برفقٍ وهذه بشدَّةٍ. والشجرةُ الصغيرةُ التي نغرسُها في حوضِ فناءِ أحدِنا، إذا سكبت عليها الماء شيئاً فشيئاً تشربُ منه وينفعُها، فإذا أخذت كميةً من هذا الماء بعينهِ وحجْمه وألقيته دفعةً واحدة لاقتلعت هذه النبتة من مكانِها، إن كمية الماءِ واحدةٌ ولكن الأسلوب تغيَّر.
إن منْ يخلعُ ثوبه برفقٍ يضمنُ سلامة ثوبِه، خلاف من يجذِبُه بقوةٍ ويسحبُه بسرعةٍ، فإنه يشكو من تقطُّعِ أزرارِه وتمزُّقِهِ.