الرِّضا يُخرجُ الهوى:
والرضا يُخرجُ الهوى من القلبِ، فالراضي هواهُ تبعٌ لمرادِ ربِّه منه، أعني المراد الذي يحبُّه ربُّه ويرضاهُ، فلا يجتمعُ الرضا واتِّباعُ الهوى في القلبِ أبداً، وإنْ كان معهُ شُعبةٌ منْ هذا، وشعبةٌ منْ هذا، فهو للغالِب عليه منهما.
إنْ كان رضاكُم في سهري ... فسلامُ اللهِ على وَسَنِي
{وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} .
إنْ كان سرَّكُمُ ما قال حاسِدُنا ... فما لجرْجٍ إذا أرضاكمو ألمُ
وقفة
((تعرَّفْ إلى اللهِ في الرخاءِ، يعرفْك في الشِّدَّة)) .
« (تعرَّفْ) بتشديدِ الرَّاءِ (إلى اللهِ) أيْ: تحبَّبْ وتقرَّبْ إليهِ بطاعتِه، والشُّكرِ لهُ على سابغِ نعمتِه، والصبر تحت مُرِّ أقْضِيتِهِ، وصدْقِ الالتجاءِ الخاصِ قبل نزولِ بليَّتِه. (في الرخاءِ) أيْ: في الدَّعةِ والأمْنِ والنعمةِ وسَعَةِ العمرِ وصحَّةِ البدنِ، فالزمِ الطاعاتِ والإنفاق في القُرُباتِ، حتى تكون متَّصِفاً عنده بذلك، معروفاً به. (يعرفْك في الشِّدَّة) بتفريجِها عنك، وجعْلِه لك منْ كلِّ ضِيقٍ مخرجاً، ومنْ كلِّ همٍّ فرجاً، بما سلف منْ ذلك التَّعرُّفِ» .
«ينبغي أنْ يكون بين العبدِ وبين رِّبهِ معرفةٌ خاصَّةٌ بقلبِهِ، بحيثُ يجدُه قريباً للاستغناءِ لهُ منهُ، فيأنسُ بهِ في خلوتِه، ويجدُ حلاوة ذكْرِه ودعائِه