قال إسحاقُ العابدُ: ربما امتحنَ اللهُ العبْدَ بمحنةٍ يخلِّصُه بها من الهلكةِ، فتكون تلك المحنةُ أجلَّ نعمةٍ.
يقالُ: إنَّ منِ احتمل المحنة، ورضي بتدبيرِ اللهِ تعالى في النكْبةِ، وصبر على الشِّدَّةِ، كشف له عنْ منفعتِها، حتى يقف على المستورِ عنه منْ مصلحتِها.
حُكي عن بعضِ النصارى أنَّ بعض الأنبياءِ عليهمُ السلامُ قال: المِحنُ تأديبٌ من اللهِ، والأدبُ لا يدومُ، فطوبى لمنْ تصبَّر على التأديبِ، وتثبَّت عند المحنةِ، فيجبُ له لُبسُ إكليِلِ الغَلَبَةِ، وتاجِ الفلاحِ، الذي وعَدَ اللهُ به مُحِبِّيه، وأهلِ طاعتِهِ.
قال إسحاقُ: احذرِ الضَّجَرَ، إذا أصابتْك أسِنَّةُ المحنِ، وأعراضُ الفِتنِ، فإنَّ الطريق المؤدِّي إلى النجاةِ صعْبُ المسْلكِ.
قال بزرجمهرُ: انتظارُ الفَرَجِ بالصبرِ، يُعقبُ الاغتباط.
((أنا عند ظنِّ عبدي بي، فليظنَّ بي ما شاء)) .
لبعضِ الكُتّابِ: إنَّ الرجاء مادَّةُ الصبرِ، والمُعينُ عليه. فكذلك عِلَّةُ الرجاءِ ومادَّتهُ، حُسْنُ الظَّنِّ باللهِ، الذي لا يجوزُ أن يخيب، فإنَّا قد نستقري الكرماء، فنجدُهم يرفعون منْ أحسن ظنَّهُ بهمْ، ويتحوَّبُون منْ تخيّب أملُه فيهمْ، ويتحرَّ جون مِنْ قصدَهم، فكيف بأكرمِ الأكرمين، الذي لا يعوزُه أنْ يمنح مؤمِّليه، ما يزيدُ على أمانيِّهم فيه.