وقدْ سبق معنا أنَّ إبراهيم عليهِ السلامُ طلب منْ ربِّه لسان صدْقٍ في الآخرِين، وهو: الثَّناءُ الحسنُ، والدعاءُ له.
وعجبْتُ لأُناسٍ خلَّدوا ثناءً حسناً في العالمِ بحُسْنِ صنيعهِم وبكرمهِم وبذْلِهم، حتى إنَّ عُمَرَ سأل أبناء هرِم بنِ سنانٍ: ماذا أعطاكمْ زهيرٌ، وماذا أعطيتُموهُ؟ قالوا: مَدَحَنا، وأعطيناهُ مالاً. قال عمرُ: ذهب واللهِ ما أعطيتموهُ، وبقي ما أعطاكمْ.
يعني: الثناءُ والمديحُ بقي لهمْ أبد الدّهرِ.
أولى البرِيَّةِ طُرَّا أنْ تُواسِيهُ ... عند السُّرورِ الذي واساك في الحزنِ
إن الكرام إذا ما أُرسِلُوا ذكرُوا ... منْ كان يألفُهم في المنزلِ الخشنِ
هناك ثلاثُ قصائد خلَّدتْ منْ قِيلتْ فيهم:
ابنُ بقيَّة الوزيرُ الشهيرُ، قتلهُ عَضُدُ الدولةِ، فرثاهُ أبو الحسنِ الأنباريُّ بقصيدتِه الرائعةِ العامرةِ، ومنها:
عُلُوٌّ في الحياةِ وفي المماتِ ... لحقٌّ تِلْك إحدى المُعجزاتِ
كأنَّ الناس حوْلك حين قاموا ... وفودُ نداك أيام الصِّلاتِ
كأنَّك واقِفٌ فيهم خطيباً ... وهمْ وقفُوا قِياماً للصَّلاةِ