إنه حُبُّ الخيرِ للناسِ، وإشاعةُ الفضيلةِ بينهمْ وسلامةُ الصَّدرِ لهمْ، والنَّصْحُ كلُّ النصحِ للخليقةِ.
يقولُ الشاعرُ:
فلا نزلتْ علىَّ ولا بأرضي ... سحائِبُ ليس تنْتَظِمُ البلادا
المعنى: إذا لم تكنِ الغمامةُ عامَّةً، والغيْثُ عامّاً في الناسٍ، فلا أريدُها أنْ تكون خاصَّةً بي، فلستُ أنانيّاً {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ}
ألا يُشجيك قوْلُ حاتمٍ، وهو يتحدَّثُ عنْ رُوحِه الفيَّاضةِ، وعن خلقِهِ الجمِّ:
أما والذي لا يعلمُ الغيب غيرُهُ ... ويُحْيي العِظام البيض وهْي رميمُ
لقدْ كنتُ أطوِي البطن والزَّادُ يُشتهى ... مخافة يومٍ أن يُقالَ لئيمُ
لِيهْنِك العِلْمُ إذا دلَّك على اللهِ. {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ} . إنَّ هناك علماً إيمانيّاً، وعلماً كافراً، يقولُ سبحانه وتعالى عنْ أعدائِهِ: {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} . ويقول عنهم: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ} . ويقولُ عنهم {ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ....} .