قال الشاعرُ:
خليليَّ لا واللهِ ما مِنْ مُلِمَّةٍ ... تدُومُ على حيٍّ وإنْ هِي جلَّتِ
فإنْ نزلتْ يوماً فلا تخْضَعَنْ لها ... ولا تُكثِر الشَّكْوى إذا النَّعلُ زلَّتِ
فكمْ مِنْ كريمٍ قدْ بُليْ بنوائبٍ ... فصابرها حتى مضتْ واضمحلَّتِ
وكانتْ على الأيامِ نفسي عزيزةً ... فلمَّا رأتْ صبري على الذُّلِّ ذلَّتِ
وقال آخر:
يضيقُ صدري بغمٍّ عند حادِثةٍ ... ورُبَّما خِير لي في الغمِّ أحيانا
ورُبَّ يومٍ يكونُ الغمُّ أوَّلهُ ... وعند آخرِه روْحاً وريْحانا
ما ضِقتُ ذرْعاً عند نائِبةٍ ... إلاَّ ولي فرجٌ قد حلَّ أوْ حانا
رأيتُ في أوّلِ ديوانِ حاتمٍ الطّائيِّ كلمةً جميلةً لهُ، يقولُ فيها: إذا كان تركُ الشَّرِّ يكفيك، فدَعْهُ.
ومعناهُ: إذا كان يسع السُّكوتُ عنِ الشَّرِّ واجتنابُه، فحسبُه بذلك {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} ، {وَدَعْ أَذَاهُمْ} .
محبَّةُ للناسِ موهبةٌ ربَّانيَّةٌ، وعطاءٌ مباركٌ من الفتَّاحِ العليمِ.
يقول ابنُ عباسٍ متحدِّثاً بنعمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ: فيَّ ثلاثُ خصالٍ: ما نزل غيثٌ بأرضٍ، إلاَّ حمدتُ الله وسُررتُ بذلك، وليس لي فيها شاةٌ ولا بعيرٌ. ولا سمعتُ بقاضٍ عادلٍ، إلاَّ دعوتُ الله له، وليس عنده لي قضيَّةٌ. ولا عَرَفتُ آيةً منْ كتابِ اللهِ، إلاَّ ودِدتُ أنَّ الناس يعرفون منها ما أعرفُ.