ويدخلُ في عمومِ ما يجلبُ السعادة ويزيلُ الهمَّ والكدر: فعلُ الإحسانِ، من الصدقةِ والبِرُّ ولإسداءِ الخيرِ للناسِ، فإنَّ هذا منْ أحسنِ ما يُوسَّعُ بهِ الصَّدْرُ، {أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم} ، {وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ} .
وقدْ وصف - صلى الله عليه وسلم - البخيلُ والكريمُ برجليْن عليهما جُبَّتانِ، فلا يزالُ الكريمُ يُعطي ويبذلُ، فتتوسَّعُ عليه الجبَّةُ والدِّرْعُ من الحديدِ حتى يعفُوَ وأثرُه، ولا يزالُ البخيلُ يمسكُ ويمنعُ، فتتقلَّص عليهِ، فتخنقهُ حتى تضيق عليهِ روحهُ! {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} . وقال سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} .
إنَّ غلَّ الروحِ جزءٌ منْ غلِّ اليدِ، وإنَّ البخلاء أضيقُ الناسِ صدوراً وأخلاقاً؛ لأنهم بخلُوا بفضلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ولو عملوا أنَّ ما يعطونه الناس إنما هو جلبٌ للسعادةِ، لسارعوا إلى هذا الفعلِ الخيِّرِ، {إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} .
وقال سبحانه وتعالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ، {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
اللهُ أعطاك فابذلْ مِنْ عطيتهِ ... فالمالُ عاريةٌ والعمرُ رحَّالُ
المالُ كالماءِ إنْ تحبسْ سواقِيهُ ... يأسنْ يجرِ يعذُبْ منه سلسالُ