يقولُ سبحانه وتعالى لرسوله: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} . فأيُّ نعمةٍ تمّتْ على الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -؟
أهي المادةُ؟ أهو الغذاءُ؟ أهي القصورُ والدورُ والذهبُ والفِضَّةُ، ولم يملكْ من ذلك شيئاً؟
إنَّ هذا الرسول العظيم - صلى الله عليه وسلم - كان ينامُ في غرفةٍ منْ طينٍ، سقفُها منْ جريدِ النخلِ، ويربطُ حَجَريْنِ على بطنِهِ، ويتوسَّدُ على مخدَّةٍ منْ سَعَف النخلِ تؤثِّر في جنبهِ، ورهن دِرْعهُ عند يهوديٍّ في ثلاثين صاعاً منْ شعيرٍ، ويدورُ ثلاثة أيامٍ لا يجدُ رديء التمرِ ليأكله ويشبع منه.
مِت ودرعُك مرهونٌ على شظفٍ ... من الشَّعيرِ وأبقى رهَكَ الأجلُ
لأنَّ فيك معاني اليُتْمِ أعذبُهُ ... حتى دُعيت أبا الأيتامِ يا بَطَلُ
وقلتُ في قصيدةٍ أخرى:
كفاك عنْ كلِّ قصرٍ شاهقٍ عمدٍ ... بيتٌ من الطينِ أو كهفٌ من العلمِ
تبني الفضائل أبراجاً مشيَّدةً ... نُصْيَ الخيامِ التي منْ أروعِ الخيمِ
{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى {4} وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} ، {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} .