ذُكِر في السيرةِ أنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما دخل الغار، سخَّ الله الحمام فبنتْ عشّها، والعنكبوت فبنت بيتها بفمِ الغارِ، فقال المشركون: ما دخل هنا محمدٌ.
ظنُّوا الحمام وظنُّوا العنكبوت على ... خيرِ البريةِ لم تنسِخْ ولم تَحُمِ
عنايةُ اللهِ أغنيتْ عنْ مضاعفةٍ ... من الدروعِ وعنْ عالٍ من الأُطمُِ
إنها العنايةُ الربانيةُ إذا تلمَّحها العبدُ، ونظر أنَّ هناك ربّاً قديراً ناصراً وليّاً راحماً، حينها يركنُ العبدُ إليه.
يقولُ شوقي:
وإذا العنايةُ لاحظتْكَ عيونُها ... نمْ فالحوادثُ كُلُّهن أمانُ
{فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} ، {فَاللهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} .
وعند الترمذيِّ عنهُ - صلى الله عليه وسلم -: ((منْ بات آمناً في سِرْبهِ، معافىً في بدنه، عندهُ قوتُ يومِهِ، فكأنما حِيزَتْ له الدنيا بحذافِيرِها)) .
والمعنى: إذا حصل على غذاءٍ، وعلى مأوًى وكان آمناً، فقدْ حصل على أحسنِ السعاداتِ، وأفضلِ الخيراتِ، وهذا يحصلُ عليه كثيرٌ من الناسِ، لكنهمْ لا يذكرونه، ولا ينظرون إليه ولا يلمسونه.