كان الرئيسُ الأمريكيُّ (إبراهام لينكولن) يقولُ: أنا لا أقرأُ رسائل الشتمِ التي تُوجَّه إليَّ، ولا أفتحُ مظروفها فضلاً عن الردِّ عليها؛ لأنني لو اشتغلتُ بها لمَا قدَّمت شيئاً لشعبي {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} ، {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} ، {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ} .
قال حسَّانُ:
ما أبالي أنبَّ بالحزْنِ تَيْسٌ ... أو لحاني بظهرِ غَيْبٍ لئيمُ
المعنى: أنَّ كلماتِ اللؤماءِ والسخفاءِ والحقراءِ الشتّامين المتسلقين على أعراضِ الناسِ، لا تضرُّ ولا تُهُمُّ، ولا يمكنُ أنْ يتلفت لها مسلمٌ، أو أن يتحرك منها شجاعٌ.
كان قائدُ البحريةِ الأمريكيةِ في الحربِ العالميةِ الثانيةِ رجلاً لامعاً، يحرصُ على الشهرةِ، فتعاملَ مع مرؤوسيةِ الذين كالوا له الشتائم والسباب والإهاناتِ، حتى قال: أصبح اليوم عندي من النقدِ مناعةٌ، لقدْ عَجَمَ عودي، وكبرتْ سني، وعلمتُ أنَّ الكلام لا يهدمُ ولا ينسِفُ سُوراً حصيناً.
وماذا تبتغي الشعراءُ منّي ... وقدْ جاوزتُ حدَّ الأربعينا
يُذكرُ عن عيسى - عليه السلامُ - أنهُ قال: أحبوا أعداءكم.
والمعنى: أنْ تُصدروا في أعدائِكمْ عفواً عامّاً، حتى تسلموا من التشفِّي والانتقامِ والحقدِ الذي ينهي حياتَكُمْ، {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} . ((اذهبوا فأنتمُ الطلقاءُ)) ، {لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} ، {عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَف} .