فبين هذا أن الناس إذا غفلوا عن هذه الفطرة في حال السراء فلا شك أنهم يلوذون إليها في حال الضراء، لعلمهم الفطري أن اللَّه الذي يكشف الشدائد، ولا ملجأ منه إلا إليه، فيسألونه بلسان المقال ولسان الحال، فهل هذه الأمور تحصل إلا لأن الخليقة مفطورة على الاعتراف بربوبية اللَّه ووحدانيته، وأنه النافع والضار، وملكوت كل شيء بيده، إلا من فسدت فطرته بالعقائد الفاسدة (?).
إذا كان الماديون والطبيعيون والدهريون يتظاهرون بإنكار وجود اللَّه - تعالى - فإن من الحكمة في دعوة هؤلاء إلى اللَّه - تعالى - أن تُقدّم لهم البراهين والأدلة العقلية القطعية في المسالك الآتية:
يستدل على كل من أنكر وجود اللَّه - تعالى - وربوبيته بأمر لا يمكنهم إلا التسليم للحق والانقياد له، أو الخروج عن موجب العقل إلى الجنون والفطر المنحرفة، فيقال لكل من أنكر ذلك:
الأمور الممكن تقسيمها في العقل ثلاثة لا رابع لها:
1 - إما أن تُوجد هذه المخلوقات بنفسها صُدقة من غير مُحدث ولا