ومما يزيد ذلك وضوحاً أن الخلق متى شاهدوا شيئاً من الحوادث المتجددة كالرعد والصواعق، والبرق والزلازل، والبراكين المتفجرة الثائرة، والريح الشديدة، وانهمار الأمطار الغزيرة، وفيضانات الأنهار، واضطراب الأمواج في البحار والمحيطات، متى شاهدوا ذلك دعوا اللَّه وسألوه وافتقروا إليه؛ لأنهم يعلمون أن هذه الحوادث المتجددة لم تتجدد بنفسها، بل لها مُحدث أحدثها، وإن كانوا يعلمون هذا في سائر المحدثات؛ لكن ما اعتادوا حدوثه صار مألوفاً لهم، بخلاف المتجدد، ولو لم يكن إلا خلق الإنسان، فإنه من أعظم الآيات، فكلٌّ يعلم أنه لم يحدث نفسه، ولا أبواه أحدثاه، ولا أحد من البشر أحدثه، ويعلم أنه لابد له من خالق خلقه، وأن هذا الخالق موجود، حي، عليم، قدير، سميع، بصير، حكيم، حفيظ (?)، {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} (?)، وقال - سبحانه - تذكيراً لهذا الإنسان الجاحد: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ} (?)، {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} (?).