الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فما أدري ما أقول في هذه الساعة لبيان فهم كتب السنة، وكل كتاب يحتاج إلى ساعات، لكن لا بد من الكلام في ضوء ما حدد من موضوع، وما أتيح من فرصة ووقت.
السنة النبوية: وهي ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو تقرير، حجة ملزمة بإجماع من يعتد بقوله من المسلمين.
وهي ثاني مصادر التشريع بعد القرآن الكريم، وهي المبينة للقرآن، والموضحة له، وحفظ السنة من حفظ القرآن؛ لأنها بيانه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر].
فالسنة محفوظة بحفظ القرآن؛ لأنه لا يتم فهم القرآن إلا ببيان النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله أو فعله أو تقريره، فحفظ السنة من حفظ القرآن.
وللاهتمام -اهتمام النبي -عليه الصلاة والسلام- بشأن القرآن، والخوف من اختلاطه بغيره، حتى يتم حفظه الموعود به، نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن كتابة الحديث في أول الأمر.
جاء في الصحيح في حديث أبي سعيد: ((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن، ومن كتب شيئاً غير القرآن فليمحه)) [مخرج في الصحيح، في صحيح مسلم].
وأهل العلم حملوا ذلك على وجوه، مدارها على خشية اختلاط القرآن بغيره، فالنهي عن كتابة السنة مع القرآن، في صفحة واحدة، وحينئذ يلتبس الأمر، فيختلط القرآن بغيره، ولا مانع على هذا القول من كتابة السنة مستقلة عن القرآن.
ومنهم من يقول: في أول الأمر، والحافظة -ملكة الحفظ- عند الجيل الأول تسعف على حفظ جميع السنة، ثم بعد ذلكم لما خشي من ضياع السنة أذن بالكتابة، فالشخص الذي لا يحفظ يكتب، وإذا تصورنا الآثار المترتبة على الكتابة -وكل إنسان يدرك ذلك- عرفنا أن النهي عن الكتابة في أول الأمر له مقصد ومغزىً عظيم.