كذلك كان الإمام -رحمه الله- ابن أبي عاصم إذا كان الحديث فيه كلام، وفي النفس منه شيء، أو يكون فيه ضعف شديد، كان يفرده بباب مستقل، في أخر الباب، وغيرها من الفرائد.
بعد ذلك انتقل السلف -رحمهم الله- وصنفوا في أبواب أو كتب عامة، كتاباً كبيراً من كتب الاعتقاد، مثل أن يؤلف كتاب الإيمان كتاباً مستقلاً، أو في كتاب مثلاً للأسماء والصفات، فظهر لنا مثل كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام، وكتاب الإيمان لابن أبي شيبة، وكتاب الإيمان لأبي عمر العدني، وغيره، ثم بعد ذلك زادوا وتفننوا، ثم أفردوا مصنفات في مسائل معينة ليس فيها أبواب، وإنما في مسألة مثل كتاب إثبات صفة العلو، هذا يعتبر متأخر، لابن قدام، لكن هناك مثلاً كتاب خلق أفعال العباد، هذه مسألة جزئية من أبواب القدر للبخاري، وهذا أيضاً كتاب أشيد به، كتاب عظيم؛ لأن فيه من فقه الاستنباط والردود على المخالفين، وكثرة الاستدلال ما لا يوجد في كتاب مثله، ثم بعد ذلك انتقلوا إلى الطريقة الذي بعدها وأنهم أفردوا كتباً في الرد على المخالفين، وأنا أريد أن أشيد بكتابين عظيمين لا يستغني عنهما طالب العلم: وهما كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-، وكتاب الرد على بشر المريسي للإمام الدارمي.
أما كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد هذا الكتاب العظيم وللأسف أقول: أنه لم يعتن به العناية الفائقة في إخراجه وتحقيقه.
هذا الكتاب شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله- أثنى عليه ثناءً عاطراً في غالب كتبه.
المقدم: لأن الجامعات لا تقبل لو قدم -يا دكتور- عندكم يمكن أنتم ترفضونه بسبب وجوده مطبوع ومخدوم كما تقول بعض الجامعات، ولا يوجد نسخ أخرى للكتاب.
المتصل: الله المستعان، ولا أظن أن طالب العلم لو قدم دراسة وافية، ما أظنه الجامعة ترده؛ لكن بعض الطلاب قد يختصر دراسته، ما يأتي بدراسة وافية عن الكتاب، الكتاب أقول لكم: هذه من الأشياء الذي لا يدركها طالب العلم أن شيخ الإسلام شرحه شرحاً وافياً في أماكن متفرقة، فيأتي إلى لفظة من ألفاظ الإمام أحمد فيشرحها شرح مطولاً، لفظة واحدة، هذا الكتاب يعتبر مرجع كبير لأهل السنة.