بعد دراسة الطالب للمتون المعتبرة عند أهل العلم، المتون التي هي اللبنة الأولى فيما ذكرنا، ينتقل إلى كتب الطبقة التي تليها كالمقنع للإمام الموفق ابن قدامة، الذي جعله للمتوسطين وذكر فيه روايتين بدلاً من رواية واحدة، وهذا الكتاب عني به أهل العلم عناية فائقة، له شروح كثيرة تدل على أهميته، منها الشرح الكبير، ومنها المبدع، ومنها الإنصاف، وحواشي الشيخ سليمان بن عبد الله، هذه الشروح لو أردنا أن نقارن بينها ونوازن بينها، ونذكر أفضل طبعاتها، لاحتاج إلى حلقة كاملة.
المقدم: هل هو من الفقه المقارن يا شيخ هذا الكتاب؟
لا، لا، على المذهب؛ لكن يذكر روايتين.
المقدم: لأن أحد الأخوة أحمد السعود يبدو أنه اختلط عليه الأمر، يقول: هل أفضل كتب الفقه المقارن، أو ما أفضلها غير كتابي المغني والمجموع؟
لا المغني والمجموع ما بعد أتت، احنا نتكلم عن المقنع، أما المجموع سيأتي -إن شاء الله-.
المقنع هذا نظمه ابن عبد القوي في منظومة دالية طويلة جداً طبعت في مجلدين، ولها مختصر لابن معمر مطبوع في مجلد، إشكال هذا المختصر أراد أن يوفق المختصر بينه وبين زاد المستقنع، الذي هو مختصر المقنع، فحذف بعض الكلمات أحياناً من بيت أو من كلمة، أو شطر من البيت؛ لأن هذه الكلمة لا تناسب ما في الزاد، البيت إذا حذف منه كلمة أو حذف منه شطر، اختل، بلا شك، مما ذهب برونق الكتاب؛ لكن لو انبرى لهذا النظم الموسع نظم ابن عبد القوي بارع بهذا القيد؛ لأن الكتاب يحتاج إلى بارع، فانتقى منه بحدود ألف بيت تكون مما ينبغي الاهتمام به تيسيراً لطلاب العلم لأحسن.
ابن عبد القوي في مقدمات الأبواب، في بعض الأبواب لا أقول جميع الأبواب يقدم نصائح من أغلى ما يسمعه طالب العلم، يحتاج إليها طالب الفقه؛ لأن طالب الفقه الذي يعاني الأحكام العملية قد يغفل عن مثل هذه النصائح، فلو رجع مثلاً إلى مقدمة باب الجنائز مثلاً، قدم نصيحة حقيقة كل طالب علم بحاجة إليها، أيضاً مقدمة في البيوع يقول:
إياك والمال الحرام مورثاً ... . . . . . . . . .
المواريث أيضاً، وفي كتاب الجنائز:
من سار نحو الدار سبعين حجة ... فقد حان منه الملتقى وكأن قدِ