ويكرر ذلك معهم مرة ومرة حتى يتأكد من حُسن تعاملهم مع القرآن ونجاحهم في استخراج جوانب المعرفة منه، وكذلك حُسن تعاملهم مع أحداث الحياة .. فإذا انتقل بعد ذلك إلى جانب آخر من جوانب المعرفة كان تطبيقه أيسر من السابق، وعندما يترك هذا الموضوع وينتقل إلى موضوع آخر، يتركه وقد تأكد من إجادتهم للتعامل معه من خلال القرآن، ومن خلال الكون المحيط، واستطاعتهم استخراج جوانب المعرفة من الآيات وربطها بأحداث الحياة.

ومع ذلك فعليه كل فترة من الزمن أن يتأكد من استمرار نهلهم من منبع القرآن وظهور آثار ذلك على أعمالهم.

والملاحظ في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يوجه أصحابه إلى منابع الإيمان، ثم يتفقدهم ويتابعهم ويطمئن على مدى تعاملهم معها .. ففي الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوما: " من أصبح منكم اليوم صائما؟ " قال أبو بكر: أنا، قال: " فمن تبع منكم جنازة؟ "، قال أبو بكر: أنا، قال: " فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ "، قال أبو بكر: أنا. قال: " فمن عاد منكم مريضا؟ "، قال أبو بكر: أنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة ".

انتبه!!

ومع هذا الدور المهم للمربي إلا أنه يأتي مصاحبا لعملية التغيير الحقيقية التي يقوم بها القرآن، فلا بديل لدخول الأفراد إلى المصنع القرآني ليباشر المربي بعد ذلك عمله في تجويد وتحسين الثمار الناتجة عن عملية التغيير.

من هنا يتضح لنا أن المربي الناجح هو الذي يدل الناس على الله ويدعوهم إلى الدخول لمأدبة القرآن، ويأخذ بأيديهم إليها، ويتركهم أمامها ليذوقوا حلاوتها بأنفسهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015