تأمل معي عرض القرآن لموضوع الجهاد في سبيل الله، أو الرزق، أو قيمة الدنيا وابحث عن عدد المرات التي تم فيها عرض هذه الموضوعات.

وانظر كذلك في قصص السابقين وسل نفسك كم سورة تم فيها تناول قصة موسى - عليه السلام - وبني إسرائيل كمثال يتكرر، ومن خلال تكراره تترسخ المعاني التي تتناولها هذه القصص في العقل الباطن.

وخلاصة القول: أن القرآن يقوم بإعادة تشكيل العقل وبناء اليقين الصحيح فيه، فتتغير تبعا لذلك تصورات صاحبه واهتماماته، ومن ثم تلقائية أفعاله.

القرآن والقلب:

من الأسباب الرئيسية للسلوك الخاطئ: ضعف الإيمان في القلب، وغلبة الهوى عليه، فعلى قدر الإيمان تكون الأفعال الصالحة كما قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج/32].

وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: " اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك " (?)

وللقرآن طريقة فريدة في زيادة الإيمان في القلب وطرد الهوى منه، وذلك من خلال قدرته على التأثير في مشاعر الإنسان بمواعظه البليغة وقوة سلطان ألفاظه على النفس: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر/23].

الإيمان والهوى:

الإيمان محله القلب، وكذلك الهوى ..

والقلب هو مجمع المشاعر داخل الإنسان ..

معنى ذلك أن تأثير المشاعر وانفعالها مع قضية ما، تؤدي على زيادة الإيمان أو الهوى في القلب حسب نوع القضية التي يتم التجاوب معها ..

فإذا ما انفعلت المشاعر مع أي عمل إيماني - كحال البعض عند الدعاء مثلا - فإن من شأنه أن يزيد الإيمان في القلب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015