إن " هذا " القرآن الذي بين يديك الآن وتقرأ فيه هذه الآية - أيها القارئ - له قدرة فذة وعظيمة على تغييرك، فإن كنت في شك من ذلك فانظر إلى جبل من الجبال القريبة منك وتأمل صلابتها وشموخها ثم تخيلها وقد انهارت وأصبحت حطاما وأنقاضا ...
كل هذا يمكن أن يحدث لو رُكِّب لهذا الجبل عقل كعقلك فيستقبل به القرآن، فكيف يمكنه أن يفعل بقلبك وهو ألين من هذا الجبل؟!
إن القرآن هو القادر - بإذن الله - على تغييرنا وإعادة صياغتنا من جديد، ولم لا وهو يمكنه تغيير طبيعة الجبال الصلبة القاسية.
والقرآن كذلك هو الطريق للاستقامة الدائمة على أمر الله، كما قال الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء/9]، والملاحظ الآية تضمنت أيضا اسم الإشارة ... (هذا) فهذا القرآن الذي بين يديك يستطيع أن يقوِّم مسارك ويعدل سلوكك ليجعلك تستقيم على أمر الله وصراطه المستقيم: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ. لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير/27، 28].
تخيل معي أن رجلا يأخذ ابنته الصغيرة البريئة .. يأخذها إلى الصحراء، ويحفر حفرة بين الرمال وهي تنظر إليه، فتعلق بعض حبات الرمال بلحيته فتقوم من مكانها لتنفضها مما علق بها .. وهو يستمر في الحفر، حتى إذا ما انتهى من حفرته أخذ تلك الصغيرة ليضعها في الحفرة، وهي تصرخ وتستغيث به وتسترحمه، ولكنه يُصر على ذلك ويهيل عليها الرمال، وتستمر في الصراخ والاسترحام وهو يستمر في إهالة الرمال، حتى يتوقف الصراخ تماما وتموت الصغيرة، وينتهي الرجل من مهمته .. وينصرف إلى داره ...
هل يمكن أن يفعل أب بابنته مثل هذا؟!
ما ذنبها، وما الجريمة التي ارتكبتها؟!