فإذا تعرض العبد لمقت الله تباعد عنه التوفيق الإلهي، ومن ثَمَّ النصر والتأييد، قال صلى الله عليه وسلم: " النادم ينتظر الرحمة، والمعجب ينتظر المقت " (?).
من هنا تبرز قيمة جهاد النفس في قضية التغيير، فمع الأهمية القصوى لإيقاد شعلة الإيمان في القلب والعمل الدائم على زيادته، لابد كذلك من المحافظة على أعمالنا التي نقوم بأدائها من كل ما يفسدها، ويبعدها عن مظنة الإخلاص لله عز وجل.
أنه إذا كان المطلوب أن نغير ما بأنفسنا حتى يغير الله عز وجل ما بنا فإن هذا التغيير لابد أن يشمل:
1 - الاهتمامات والتصورات والأفكار، وهذا يستدعي تغيير اليقين الخاطئ في العقل الباطن.
2 - زيادة الإيمان وتمكنه التام من القلب، وطرد الهوى منه.
3 - جهاد النفس وترويضها وإلزامها الصدق والإخلاص لله عز وجل.
تأكد لنا مما سبق بيانه أن ما يحدث للأمة الآن بمشيئة الله وإذنه، وهو نتيجة طبيعية لما أحدثناه من انحراف وبعد عن منهج الله وخلصنا كذلك إلى أن المولى سبحانه وتعالى قادر على تغيير ما بنا، ولكنه أخبرنا في كتابه بان هذا التغيير لن يتم إلا إذا بدأنا نحن بتغيير ما بأنفسنا.
وتغيير ما بالنفس يستلزم تغيير الأفكار والتصورات الخاطئة، وتمكين الإيمان من القلب، وترويض النفس وجهادها على لزوم الصدق والإخلاص لله عز وجل.
كل هذا لابد أن يتم ليكون النتاج عبدا مخلصا لله عز وجل، يتمثل فيه قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام/162].