فإن قاومها العبد وألزمها فعل الطاعة فإنها لا تستسلم له بل تحاول أن تأخذ حظها من هذا الفعل، وذلك من خلال الإلحاح عليه لكشف عمله أمام الناس لتعلو منزلته عندهم فيعظموه ويمدحوه، فتُسقى من خلال ذلك شراب النشوة والسعادة.
فإن لم يفعل ذلك فإنها لا تيأس من نيل حظها فتعمل على تضخيم العمل الذي قام به في عينه، وتشعره بتميزه به على الآخرين، فيُعجب بها ويرضى عنها، وينسى أن الله عز وجل هو الذي أعانه على القيام بهذا العمل.
إذن فليس معنى أن الشخص يؤدي ما عليه من واجبات، ويحرص على الانضباط في سلوكه وتعاملاته ... ليس معنى هذا أنه قد ارتدى رداء العبودية، وأصبح في مظان الرضا والتوفيق الإلهي. فقد يكون هذا الشخص راضيا عن نفسه، فرحا بها، ينظر إليها بعين الإعجاب ويعتقد أنه مميز عن غيره بما يفعله من أعمال، وتراه دوما يقارن نفسه بغيره، ويرى انه أفضل من جميع من حوله، ولما لا وهو يصلي بالليل وهم نائمون، ويعمل للإسلام وهم قاعدون ... منضبط في سلوكه وهم مفرطون .. يعتقد أن عنده أشياء وملكات ذاتية ليست عند غيره، يمكنه ان ستدعيها ويستعين بها وقتما شاء، فتتضخم بذلك نفسه، وتكبر داخله وتصبح كالصنم يستعين به في تصريف أموره، فيشرك بذلك بالله عز وجل، ويتعرض للهلاك كما قال صلى الله عليه وسلم: " ... فأما المهلكات: فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه " (?).