كل هذه العوامل تشترك في تكوين اليقين بشقيه الصحيح والخاطئ والذي يختلف من شخص لآخر بناء على طبيعة العوامل التي تعرض لها. ولكي يتم التغيير الصحيح في الاهتمامات والتصورات، ومن ثم السلوك لابد أولا من إعادة بناء منطقة اللاشعور واستبدال اليقين الخاطئ بيقين صحيح تنطلق منه الخواطر والاهتمامات والأفعال التلقائية في حياة الإنسان.
ومع أهمية الفكر كمنطلق أساسي للسلوك إلا أن هذا الفكر لابد أن يجد من القلب رضا وتجاوبا وإلا ظلت الأفكار حبيسة العقل، ليعيش الشخص في تناقض بين فكره وسلوكه.
ولقد مرت علينا في حياتنا جميعا أوقات شعرنا فيها بهذا التناقض .. أحيانا نريد أن نقلع عن مشاهدة التلفاز فلا نستطيع .. نريد أن نستيقظ مع أذان الفجر أو قبله فلا نقدر .. نريد أن نترك عادة سيئة فلا نستطيع.
فإن قلت: فما السبب الذي يجعلنا لا نستطيع تنفيذ أشياء قد اقتنعنا بها، بل قد رسخت أهميتها في يقيننا؟! وكذلك لا نستطيع ترك أشياء نحن على ثقة تامة بمدى خطورتها علينا؟!
السبب في ذلك هو ضعف الإرادة القلبية والهزيمة أمام النفس. فإن كان العقل هو الدافع الأول للسلوك إلا أن الذي يأمر الجوارح بالتنفيذ هو القلب، فقلب الإنسان هو الملك على جميع الأعضاء، وما من فعل اختياري يقوم به العبد إلا ويعكس موافقة من القلب على تنفيذه. قال صلى الله عليه وسلم: " ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " (?).
معنى ذلك أن العقل قد يقتنع بفكرة ما ويشير على القلب بتنفيذها إلا أن القلب حين لا يرضى بذلك لا يتم الفعل.
ولكن ما الذي يحول بين القلب وبين تنفيذ ما يشير به العقل؟!