هذه المراحل الثلاث جمعها قوله تعالى: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} [الأنعام/113].

فإذا أردنا أن نشخص أسباب السلوك غير السوي والذي نشكو من وجوده، ونريد تغييره إلى ما يحبه الله ويرضاه، فلابد أن يتناول البحث محاور ثلاثة:

المحور الأول: يتعلق بعقل الإنسان وفكره وقناعاته والتي تشكل المنطلق الأول للسلوك.

المحور الثاني: يتعلق بقلب الإنسان وما يحول بينه وبين تنفيذ ما يمليه عليه العقل.

المحور الثالث: يتعلق بالنفس التي تشكل العائق الأساسي الذي يقف أمام إخلاص هذا الفعل لله عز وجل.

المحور الأول: العقل

إن كان سلوك الإنسان ينطلق من المشاعر، والتي تشكل في مجموعها قلب الإنسان فإن ما يحرك هذه المشاعر هو الفكر .. فالفكر هو المنطلق الأول للسلوك، وعلى قدر قناعة العقل بالشيء تكون قدرته على التأثير في المشاعر.

فإن قلت: ولكن هناك الكثير من الأفعال التي يقوم بها الإنسان بتلقائية ودون تفكير.

نعم، يحدث ذلك فيما لا يقل عن ستين بالمائة من تصرفات الإنسان اليومية كما أثبت العلماء، مع ذلك فإن هذه الأفعال التلقائية تنطلق أيضا من الأفكار الراسخة داخل العقل، والتي تُسمى بمنطقة اللاشعور.

الشعور واللاشعور:

ينقسم عقل الإنسان إلى قسمين: مدرك، وغير مدرك.

فبالعقل المدرك يستقبل الإنسان المعلومة ويفهمها ويدرك ما تدل عليه، فإذا وافق عليها واقتنع بها كان الطريق ممهدا لتنفيذ مقتضاها من خلال القلب، وإذا لم يقتنع بها فإنها لن تجاوز عقله.

أما العقل غير المدرك أو ما يسمى باللاشعور أو اليقين. ففيه تُختزن المعلومات الراسخة لدى الإنسان (عن نفسه وعائلته ومفاهيمه وتصوراته وعقائده ... ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015