إنهم - معظمهم - واقعون في لوثة الفكر الإرجائي، الذي يقول: ((من قال لا إله إلا الله فهو مؤمن، ولو لم يعمل عملاً واحداً من أعمال الإسلام)) ! والذي يقول: ((الإيمان هو التصديق، أو هو التصديق والإقرار، وليس العمل داخلاً في مسمى الإيمان)) ! والذي يعتبر المخالفات كلها بجميع أشكالها، مجرد معاص، ثم يقول: ((لا يضر مع الإيمان معصية)) !
وإزالة آثار هذه اللوثة من حياة الناس، وردهم إلى المفهوم الصحيح للإيمان، الذي كان عليه السلف الصالح، والذي يقول: إن الإيمان قول واعتقاد وعمل، هو المهمة كالحقيقية ((للغرباء)) ، الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجزيل الأجر: «طوبى للغرباء» ، وقال عليه الصلاة والسلام: «فطوبى للغرباء يصلحون ما أفسد الناس من سنتي» (?) .
وسنتحدث عن التربية في فصل مستقل، ولكنا هنا نقرر أن نقطة البدء في الدعوة يجب أن تكون هي التعريف بلا إله إلا الله، التي صارت حقيقتها مجهولة في غربة الإسلام الثانية، وصارت حين تعرض على حقيقتها تستوحش لها النفوس!
ونقرر كذلك أن التعريف بلا إله إلا الله - فضلاً عن التربية على مقتضياتها - ليس مجرد معلومات تلقى، وليس مجرد خطبة أو درس أو موعظة، إنما هو جهد حقيقي دائب، يحتاج إلى متابعة ومثابرة، ويحتاج إلى تتبع مسارب النفس ومداخلها، لتنقيتها من الغبش الذي أحدثه الفكر الإرجائي، فضلا عن الغبش الذي أحدثه الفكر العلماني المستحدث، وكلاهما حمض أكال يوهن بناء العقيدة، ويفرغها من محتواها الحي، ويفقدها قوتها الفاعلة التي كانت لها يوم أن كانت على حقيقتها كما أنزلها الله.
ثم نقرر أخيراً أن الاستعجال في هذا الأمر - على أساس أنه أمر بديهي واضح، لا يحتاج إلى بذل الجهد فيه، أو على أساس أن ما بذل من الجهد فيه، فيه الكفاية، أو على أساس أن لدينا مهام كثيرة، وليس لدينا وقت كثير ننفقه في التعريف بلا إله