وانتفاء موانعه. فإنما نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق، ولا نحكم للمعين بدخوله في ذلك العام، حتى يقوم فيه المقتضى الذي لا معارض له، وقد بسطت هذه القاعدة في قاعدة التكفير)) .

وهذا هو مفتاح القضية بالنسبة للدعوة ومنهج الحركة.

فالناس- إلا من رحم ربك- واقعون في شرك يشبه شرك الجاهلية، وإن لم يكونوا بالضرورة كلهم ممن يتنزل عليهم حكم الشرك. والذي يهمنا في الدعوة هو بيان حقيقة الإيمان، وبيان نواقص الإيمان، ودعوة الناس إلى ترك ما هم واقعون فيه من الشرك- بصرف النظر عن كونهم مشركين أو غير مشركين في حكم الله- ودعوتهم إلى اعتناق الإسلام الصحيح، وممارسته في عالم الواقع، لا في عالم الأماني، ولا في عالم الأوهام.

ليس الذي يهمنا أن نقول لفلان من الناس: أنت مشرك (أو نقول عنه ذلك) ، إنما مهمتنا أن نقول له: إن ما تفعله شرك، وندعوه- بالحكمة والموعظة الحسنة- إلى الخروج من ذلك الشرك، والدخول في حقيقة الإسلام.

هذا من جانب الواقع الذي يعيشه الناس، وواجبنا تجاهه.

ومن جانب آخر فإن الأوضاع القائمة في العالم الإسلامي- إلا ما رحم ربك- أوضاع تحارب الدعوة، وتمنع الدعاة من بيان الحقيقة كاملة عن الإيمان ونواقص الإيمان، خاصة فيما يتعلق بالتشريع بغير ما أنزل الله؛ والسجون والمعتقلات والمشانق محشودة في الطريق، تترصد كل من يريد أن يبين حقيقة لا إله إلا الله كما أنزلت من عند الله.

فما المنهج الأنسب للدعوة؟ إلى أي شيء ندعو؟ وعلى أي شيء نركز؟ وأي الوسائل يوصلنا- أو يقربنا- لما نريد؟

إذا تصورنا الأوضاع القائمة على حقيقتها، وتخلصنا في الوقت ذاته من الإشكالات التي تترتب على إصدار أحكام على الجيل الحالي من الناس، قبل إقامة الحجة عليهم بالحكمة والموعظة الحسنة، فإننا نجد أنفسنا أقرب ما نكون إلى المرحلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015