كيف ندعو الناس (صفحة 173)

وعي بحقيقة القضية، وحقيقة الصراع! ولن تكون الجماهير على هذا الوعي حتى تكون قد تربت من قبل، ولن تتربى التربية المطلوبة حتى تكون القاعدة قد تم إنشاؤها على منهج سليم! وهكذا أدى النقص في الحلقة الأولى إلى نقص متسلسل في بقية الحلقات!

ثم كان ما أشرنا إليه في الفصول الأولى من ردود فعل للضربات الوحشية من قبل الأعداء، زادت من الغبش سواء في القاعدة أو عند الجماهير، ونقصد بذلك دخول بعض فصائل العمل الإسلامي في البرلمانات، وما صاحب ذلك من تمييع لقضية الشرعية، وقضية الإلزام في تحكيم شريعة الله، ودخول فصائل أخرى في صراع مسلح مع السلطات، مما أدى إلى تهميش القضية الأساسية، وتحول الأمر في حس الناس إلى قضية ضارب ومضروب، وغالب ومغلوب (?) .

ثم اشتطت فصائل أخرى من فصائل العمل الإسلامي فدخلت في معارك دموية مع الناس. مع ((الجماهير)) على أساس أنهم كفار يجوز قتلهم ما داموا لم يدخلوا في ((الجماعة المسلمة)) !

وكان لهذا الأمر أسوأ الأثر على العمل الإسلامي كله. ففضلا عن النفور العام عند الناس من هذه الأعمال التي لا سند لها من شرع الله، فقد وجدت وسائل الإعلام المتربصة بالحركة الإسلامية فرصة مواتية لتلوين الساحة كلها بلوم الدم المراق، مع أنه لا يمثل إلا جزءا ضئيلاً من الساحة، ووصمت كل عمل إسلامي أيا كان نوعه بأنه عمل إرهابي ينبغي أن يحارب وتجفف منابعه!

وما كانت وسائل الإعلام العالمية في حاجة إلى من ينبهها أو يحفزها إلى انتهاز هذه الفرصة، فهي - بموقفها المعادي للإسلام أصلا - جاهزة لتلقف مثل هذه الفرصة واستغلالها إلى أقصى حدود الاستغلال!

كما كان رد الفعل سيئاً بالنسبة للغبش الذي يحيط بقضية لا إله إلا الله، سواء بالنسبة للقاعدة أو بالنسبة للجماهير، فقد انبرى أصحاب الفكر الإرجائي ينافحون عن فكرهم بشدة، وينشرونه بكل وسائل النشر، بل وقع في الدوامة ((علماء)) ممن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015