كيف ندعو الناس (صفحة 168)

أن يسعى للوصول إلى الحكم. إلا الإسلاميين! فهم وحدهم يصبحون مجرمين إذا سعوا للوصول إلى الحكم! دع عنك هذا فهو موقف معروف من الجاهلية تجاه دعوة الحق، منذ كانت جاهلية في الأرض، ودعاة يدعون بدعوة الحق. ((شنشنة نعرفها من أخزم)) كما يقول المثل العربي المشهور! سواء جاء ((أخزم)) من الشرق أو الغرب أو من داخل البلاد!

ولكن القضية ليست في مشروعية الهدف. إنما هي في سؤال أساسي: هل مجرد تطبيق الشريعة يكفي لإصلاح حال الأمة التي وصلت لأن تكون غثاء كغثاء السيل، أم يحتاج الأمر إلى متطلبات أخرى قبل ذلك، وبعد ذلك وفي أثناء ذلك؟!

لو أن الداعية الأول- رحمه الله- أعلن للصفوة التي اختارها لتكون هيئة تأسيسية لجماعته ما أعلنه ((للجماهير)) عام 1948م (أي بعد عشرين سنة من بدء الدعوة) لتغيرت أمور كثيرة في خط السير!

في عام 1367هـ (1948م) ، وتحت عنوان: ((معركة المصحف)) ، قال الإمام الشهيد: ((الإسلام دين ودولة ما في ذلك شك، ومعنى هذا التعبير بالقول الواضح أن الإسلام شريعة ربانية جاءت بتعاليم إنسانية وأحكام اجتماعية، وكلت حمياتها ونشرها والإشراف على تنفيذها بين المؤمنين بها، وتبليغها للذين لا يؤمنوا بها إلى الدولة، أي إلى الحاكم الذي يرأس جماعة المسلمين ويحكم أمتهم، وإذا قصر الحاكم في حماية هذه الأحكام لم يعد حاكماً مسلماً، وإذا أهملت شرائع الدولة هذه المهمة لم تعد دولة إسلامية. وإذا رضيت الجماعة أو الأمة بهذا الإهمال ووافقت عليه لم تعد هي الأخرى إسلامية، مهما ادعت ذلك بلسانها. وإن من شرائط الحاكم المسلم أن يكون هو نفسه متمسكاً بفرائض الإسلام، بعيداً عن محارم الله، غير مرتكب للكبائر، وهذا وحده لا يكفي في اعتباره حاكماً مسلماً حتى تكون شرائط دولته ملزمة إياه بحماية أحكام الإسلام بين المسلمين، وتحديد موقف الدولة منهم بناء على موقفهم هم من دعوة الإسلام)) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015