كيف ندعو الناس (صفحة 143)

إذا نظرنا إلى واقعنا المعاصر فينبغي أن نجعل في بالنا عدة أمور، سواء بالنسبة للقاعدة الصلبة، أو القاعدة الموسعة، بل حتى بالنسبة للجماهير العريضة التي تدخل أفواجاً في النهاية، فهؤلاء أيضاً لا بد أن يصحح لهم إسلامهم، ولا يتركون بلا ضابط كما تفعل الجاهلية المعاصرة ((برجل الشارع)) ، تسلبه كيانه الآدمي، وتوهمه في الوقت ذاته أنه أحد العمد التي يقوم عليها النظام!

ليس في الإسلام ((رجل الشارع)) ، ولا ((امرأة شارع)) ، إنما هناك مسلمون ومسلمات ملتزمون كلهم - أو يجب أن يكونوا ملتزمين - بالحد الأدنى على الأقل، الذي يجعلهم في ميزان الله مسلمين، وتلك في الدولة الإسلامية مهمة ولي الأمر، فمن التزم من تلقاء نفسه فقد وفى بما يجب عليه تجاه ربه، ومن لم يلتزم السلطان كما قال عثمان رضي الله عنه: ((يزع الله بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن)) .

ومن ثم فكل الناس داخل في مجال الدعوة، ولكن خطوة بعد خطوة، كما كان الشأن مع الجماعة الأولى، حسب السنن الربانية التي تتكرر كلما تكررت ظروفها ومقتضياتها.

* * *

إذا نظرنا إلى واقعنا المعاصر فسنجد الأمة - إلا ما رحم ربك - في حالة (الغثاء) التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرناً، حين قال: « ((يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)) ، قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من صدور أعدائكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن)) . قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت)) » (?) .

فإذا كان هذا حال الأمة التي توجه إليها الدعوة، سواء لإقامة القاعدة الصلبة، أو القاعدة الموسعة، أو لعامة الناس، فيجب أن نتعرف على الأسباب التي أدت بالأمة إلى هذا الوضع، لكي نصف العلاج الناجع، كما يفعل الطبيب حين يستدعى لعلاج المريض، يفحصه أولاً ليعرف حقيقة مرضه، ثم يصف الدواء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015