تساهلوا في أسانيد رواته , إنما قصدوا بذلك الحث على عمل صالح ثبت صلاحه بالأدلة الشرعية المعتبرة , أو الزجر عن عمل سيء ثبت سوءه بالأدلة الشرعية , ولم يقصدوا أن يثبتوا بالحديث الضعيف صلاح العمل أو سوءه , ولكن كثيرًا من عامة الناس ـ بل من المحدثين أنفسهم ـ لم يفرقوا بين جواز رواية الضعيف بشروطه وإثبات العمل به.

ولهذا رأينا أكثر بلاد المسلمين يحتفلون بليلة النصف من شعبان , ويخصون ليلتها بالقيام , ونهارها بالصيام , بناء على الحديث المروي فيها , عن علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مرفوعًا: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا [نَهَارَهَا]، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلاَ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ ... الحديث» رواه ابن ماجه , وأشار المنذري إلى ضعفه , وكذا ضعفه البوصيري في " زوائد ابن ماجه " (?).

ورأينا أكثر بلاد المسلمين كذلك يحتفلون بيوم عاشوراء , يذبحون الذبائح , ويعتبرونه عيدًا أو موسمًا, يوسعون فيه على الأهل والعيال , اعتمادًا على حديث ضعيف , بل موضوع في رأي ابن تيمية وغيره , وهو الحديث المشهور على الألسنة: «مَنْ [وَسَّعَ] عَلَى عِيَالِهِ وَأَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ».

قال المنذري: رواه البيهقي وغيره من طرق عن جماعة من الصحابة.

وقال البيهقي: «هَذِهِ الأَسَانِيدُ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً فَهِيَ إِذَا ضُمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ أَخَذَتْ قُوَّةً، وَاللهُ أَعْلَمُ».

وهذا القول فيه نظر.

وقد جزم ابن الجوزي , وابن تيمية في " منهاج السنة " وغيرهما بأن الحديث موضوع , وحاول العراقي وغيره الدفاع عنه وإثبات حسنه لغيره! وكثير من المتأخرين يَعُزُّ عليهم أن يحكموا بالوضع على حديث!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015