ونعني بالعمق: الامتداد في أغوار حياة الإنسان , فهي تشمل الجسم والعقل والروح , وتضم الظاهر والباطن , وتعم القول والعمل والنية.

منهج متوازن:

وهو منهج يتميز كذلك بالتوازن , فهو يوازن بين الروح والجسم , وبين العقل والقلب , وبين الدنيا والآخرة , وبين المثال والواقع , وبين النظر والعمل , وبين الغيب والشهادة , وبين الحرية والمسؤولية , وبين الفردية والجماعية , وبين الاتباع والابتداع ...

فهو منهج وسط لأمة وسط ..

ولهذا كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا لمح من بعض أصحابه جنوحًا إلى الإفراط أو التفريط , ردهم بقوة إلى الوسط , وحذرهم من مغبة الغلو والتقصير.

ولهذا أنكر على الثلاثة الذين سألوا عن عبادته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكأنهم تَقَالُّوهَا , ولم تشبع نهمهم إلى التعبد , وعزم أحدهم أن يصوم الدهر فلا يفطر , والآخر أن يقوم الليل فلا يرقد , والثالث أن يعتزل النساء , فلا يتزوج , وقال حين بلغه قالتهم: «[أَمَا وَاللَّهِ] إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، [وَأُصَلِّي] وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» (?).

ولما رأى مبالغة عبد الله بن عمر في الصيام والقيام والتلاوة , رده إلى الاعتدال قائلاً: «إِنَّ [لِجَسَدِكَ] عَلَيْكَ حَقًّا (أي في الراحة) وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا (أي في النوم) وَ [إِنَّ لِزَوْجِكَ] عَلَيْكَ حَقًّا (أي في الإمتاع والمؤانسة) , وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» (?) (أي في الإكرام والمشاركة) يعني فأعط كل ذي حق حقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015