مسألتنا هذه: أن الحديث «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» ورد بألفاظ أخرى , في بعضها «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِينَ» ولكن إمامًا عظيما من أئمة الشافعية , بل هو إمامهم في وقته , وهو أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج (?) , جمع بين الروايتين , بجعلهما في حالين مختلفين: أن قوله: «فَاقْدُرُوا لَهُ» معناه: قدروه بحسب المنازل , وأنه خطاب لمن خصه الله بهذا العلم , وأن قوله: «فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ» خطاب للعامة (?).

فقولي هذا يكاد ينظر إلى قول ابن سريج , إلا أنه جعله خاصًا بما إذا غم الشهر فلم يره الراؤون , جعل حكم الأخذ بالحساب للأقلين , على ما كان في وقته من قلة عدد العارفين به , وعدم الثقة بقولهم وحسابهم , وبطء وصول الأخبار إلى البلاد الأخرى , إذا ثبت الشهر في بعضها , وأما قولي فإنه يقضي بعموم الأخذ بالحساب الدقيق الموثوق به , وعموم ذلك على الناس , بما يسر في هذه الأيام من سرعة وصول الأخبار وذيوعها. ويبقى الاعتماد على الرؤية للأقل النادر , ممن لا يصل إليه الأخبار , ولا يجد ما يثق به من معرفة الفلك ومنازل الشمس والقمر.

ولقد أرى قولي هذا أعدل الأقوال , وأقربها إلى الفقه السليم , وإلى الفهم الصحيح للأحاديث الواردة في هذا الباب. (?). اهـ.

هذا ما كتبه العلامة شاكر منذ أكثر من نصف قرن (ذي الحجة 1357 هـ ـ الموافق يناير 1939 م).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015