المُبَالَغَةِ، وَلَعَلَّ السَّبَبَ مَا يُفْضِي إلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ تَضْيِيعِ حَقِّ الزَّوْجِ وَالتَّبَرُّجِ، وَمَا يَنْشَأُ مِنَ الصِّيَاحِ (العَوِيلِ) وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَدْ يُقَالُ: إذَا أَمِنَ جَمِيعَ ذَلِكَ فَلاَ مَانِعَ مِنْ الإِذْنِ لَهُنَّ؛ لأَنَّ تَذَكُّرَ المَوْتِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ». اهـ.
قال الشوكاني: «وَهَذَا الكَلاَمُ هُوَ الذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِي الجَمْعِ بَيْنَ أَحَادِيثِ البَابِ المُتَعَارِضَةِ فِي الظَّاهِرِ» (?).
وإذا لم يمكن الجمع بين الحديثين المتعارضين , أو الأحاديث المتعارضة في ظواهرها , فيلجأ إلى الترجيح بينها , فيرجع أحدها على غيره بأحد المرجحات التي ذكرها العلماء , وقد عددها الحافظ السيوطي في كتابه " تدريب الرواي على تقريب النوواي " فبلغت أكثر من مائة.
وهذا الموضوع ـ التعارض والترجيح ـ من الموضوعات المهمة , التي تدخل في نطاق أصول الفقه، وأصول الحديث , وعلوم القرآن.
لنأخذ مثلاً: الأحاديث التي جاءت في (العزل) عزل الرجل عن امرأته عند الجماع , بأن يقذف المني خارج الفرج , حتى لا تحمل منه.
ولننظر هنا الأحاديث التي ذكرها أبو البركات ابن تيمية (الجد) في كتابه الشهير " المنتقى من أخبار المصطفى " - باب ما جاء في العزل:
" عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ سَلَّمَ - وَالقُرْآنُ يَنْزِلُ» متفق عليه.
وَلِمُسْلِمٍ: «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ سَلَّمَ - فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْهَنَا».
وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: «أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ سَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّ لِي جَارِيَةً هِيَ خَادِمَتُنَا، وَسَانِيَتُنَا فِي النَّخْلِ، وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيْهَا وَأَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ، فَقَالَ: اعْزِلْ عَنْهَا إنْ شِئْتَ فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.