وَرُوِيَ أيضًا عن ابن عباس بلفظ «زَائِرَاتِ القُبُورِ» وحسان بن ثابت (?).

يؤيد ذلك ما جاء من الأحاديث في منع النساء من اتباع الجنائز , فيؤخذ منها بفحوى الخطاب منع زيارة القبور.

وفي مقابل هذه الأحاديث أحاديث أخرى يفهم منها الإذن بزيارتها للنساء كالرجال.

منها: في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُنْتُ قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، فَزُورُوهَا» (?)، «زُورُوا القُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ بِالمَوْتِ» (?).

فيدخل النساء تحت هذا الإذن العام بالزيارة.

ومنها: ما رواه مسلم والنسائي وأحمد عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ (تعني: إذا زرت القبور) قَالَ: «قُولِي: السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ» (?).

ومنها: ما رواه الشيخان عن أنس: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ , فَقَالَ: «اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي» , فَقَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي , وَلَمْ تَعْرِفْهُ ... » الحديث (?).

فأنكر عليها الجزع ولم ينكر الزيارة.

«وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الحَاكِمُ: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ تَزُورُ قَبْرَ عَمِّهَا حَمْزَةَ، كُلَّ جُمُعَةٍ فَتُصَلِّي وَتَبْكِي عِنْدَهُ» (?).

ومع أن هذه الأحاديث الدالة على الإذن أصح وأكثر من الأحاديث الدالة على المنع فإن الجمع والتوفيق بينها ممكن , وذلك يحمل (اللَّعْنَ) المذكور في الحديث كما قَالَ القُرْطُبِيُّ: «اللَّعْنُ المَذْكُورُ فِي الحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ لِلْمُكْثِرَاتِ مِنْ الزِّيَارَةِ لِمَا تَقْتَضِيهِ الصِّيغَةُ (زَوَّارَاتِ) مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015