كما كان دقيقا في وصف أحوال المسلمين ومواقفهم حين غزى التتر بلاد الشام فقال: "وهكذا هذا العام1 جاء العدو من ناحيتي علو الشام وهو شمال الفرات وهو قبلي الفرات، فزاغت الأبصار زيغا عظيما وبلغت القلوب الحناجر، لعظم البلاء، لا سيما لما استفاض الخبر بإنصراف العسكر إلى مصر، وتقرب العدو وتوجهه إلى دمشق. وظن الناس بالله الطنونا،؛ هذا يظن أنه لا يقف أمامهم أحد من جند الشام حتى يصطلموا أهل الشام. وهذا يظن أنهم لو وقفوا لكسروهم كسرة وأحاطوا بهم إحاطة الهالة بالقمر. وهذا يظن أن أرض الشام ما بقيت تسكن، ولا بقيت تكون تحت مملكة الإسلام. وهذا يظن أنهم يأخذونها، ثم يذهبون إلى مصر فيستولون عليها فلا يقف أمامهم أحد، فيحدث نفسه بالفرار إلى اليمن، ونحوها. وهذا – إذا أحسن ظنه – قال: إنهم يملكونها العام، كما ملكوها عام هولاكو سنة سبع وخمسين. ثم قد يخرج العسكر من مصر فيستنقذها منهم، كما خرج ذلك العام؛ وهذا ظن خيارهم. وهذا يظن أن من أخبره به أهل الآثار النبوية؛ وأهل التحديث والبشارات أماني كاذبة، وخرافات لاغية. وهذا قد استولى عليه الرعب والفزع، حتى يمر الظن بفؤاده مر السحاب؛ ليس له عقل يتفهم، ولا لسان يتكلم. وهذا قد تعارضت