سأل أحد الإخوة: ما هو دور الطلاب والأساتذة والخريجين في الكليات النظرية؟ يعني: كل ما ذكرناه من براءة اختراع وتصنيع وغير ذلك، فطالب يقول لي: أنا في الآداب فهل بإمكاني أن أنفع الأمة وأخوض في هذا العلم، أم أغير الكلية؟ أم ماذا أعمل؟ فقلت له: أنت في أي قسم في الآداب؟ فقال: في قسم التاريخ، قلت له: أنت على ثغرة -لو تعرف قيمتها- من أهم الثغرات التي طعن فيها المسلمون أكثر من طعنة.
التاريخ مزور تمام التزوير، وإن شاء الله في هذه المحاضرات سيكون لنا محاضرة بعنوان: روائع الحضارة الإسلامية العلمية، ستكتشفون أنا لم ندرس شيئاً عن تاريخنا، وأن كل الذي عرفناه عن تاريخنا مجرد صراعات وخلافات وانقلابات ومؤامرات وأمور من هذا القبيل، ومعظمها مزورة.
فدور إخواننا في الكليات النظرية أن يبدعوا في هذه المجالات، كل في مجاله، فكلية الآداب فيها قسم تاريخ، وهذه ثغرة رهيبة؛ لأن هذه الكليات في العموم فيها الكثير من العلمانيين، فهناك رسالة ماجستير رفضت في إحدى الجامعات المصرية عن الرسول صلى الله عليه وسلم في السيرة النبوية؛ لأن مراجعها ومصادرها إسلامية ليست غربية، فعندما أتكلم على الرسول صلى الله عليه وسلم مطلوب مني أن آتي بمرجع فرنسي وألماني وإنجليزي ولا ينفع أن آتي بمراجع علماء المسلمين؛ لأن هذا تخلف، ورفضت فعلاً الرسالة إلى أن عدل المراجع وأتي بالمراجع الغربية والشرقية، فنحن بحاجة إلى أن نغزو هذه الأماكن ونغير من هذه العلوم، ونضع المعايير الشرعية الإسلامية لدراسة التاريخ وغيره من الفروع.
أيضاً في كلية الآداب قسم لغات، وهذا قسم في غاية الأهمية، من يصل بالإسلام الصحيح وبالشرع الحنيف وبالتاريخ المنضبط إلى الروس وإلى اليهود وإلى الأسبان وإلى كذا وكذا من البلاد الأعجمية؟ من يصل إليهم إن قصر في ذلك أبناء الأمة الإسلامية، أو علماء الأمة الإسلامية.
إذاً: أنت عليك أن تتعلم هذه اللغة وأن تتقنها كأهلها، كـ زيد بن ثابت رضي الله عنه وأرضاه فقد تعلم اللغة العبرية والسريانية وأتقنهما.
ثم عليك أن تتحرك بالعلوم النافعة إليهم، وتعرفهم دين ربنا سبحانه وتعالى وتقيم حجة الله عز وجل على عباده، هذا دور في غاية الأهمية لإخواننا الطلاب في هذا القسم قسم اللغات.
وقس على هذا علم النفس، تجد معظم العلماء في علم النفس إما يهود وإما علمانيون وإما ملحدون وإما غير ذلك، وهذا للأسف الشديد شيء خطير جداً، وأسس علم النفس على أيديهم وانتقل بعد ذلك إلى كل الأرض بما فيها أمة الإسلام، مع أن علم النفس له أسس في منتهى القوة والوضوح في كتاب ربنا، وفي سنة حبيبنا صلى الله عليه وسلم، وفي حياة الصالحين من أبناء الأمة، وفي علماء المسلمين.
كذلك علم الاجتماع، علم كذا، فالكلية كلها من أولها إلى آخرها تستطيع أن تكون فيها مبدعاً وعالماً من العلماء، ومخترع علم الاجتماع هو ابن خلدون رحمه الله فهو الذي ابتكره من الأساس، ونسب إلى الفرنسي ديكارت بعد ذلك ظلماً وعدواناً، لكن -كما قلنا- الذي اخترعه وابتكره وأول من كتب فيه هو ابن خلدون رحمه الله.
وهذا سؤال آخر حساس من أحد طلبة كلية الحقوق يقول فيه: إنه يعرف شخصاً ترك الكلية؛ لأن الكلية تدرس أموراً مخالفة لشرع الله عز وجل، تدرس قوانين وضعية، فمن ثم ترك الكلية تأثماً أن يكون من الدارسين لها، ولو أكملت دراستي في الكلية فليس معقولاً أن أحضر دراسات في الكلية في العلوم التي هي قوانين وضعية مخالفة للشريعة؟ أقول: إن كلية الحقوق تخرج لنا كل سنة (7000) طالب أو (10000) أو (20000)، والشيخ الذي يقول: إن على الطلبة الملتزمين ألا يدخلوا هذه الكلية وأشباهها، وهذا الكلام موجود يقوله بعض الناس، يقولون: ما دام الشخص التزم فعليه أن يترك الكلية، أقول: أنت عندما تحصل لك مشكلة في البلد: مشكلة قضائية مع جارك، أو مشكلة مع رئيسك في العمل، أو مشكلة في أي شيء ماذا ستعمل حينها؟ ستذهب إلى محام قد لا يتقي الله عز وجل، وقد يدلس ويكذب، وقد يفعل كذا وكذا وكذا، فهل نحن لسنا محتاجين لمن يراعي ربنا سبحانه وتعالى في هذا المكان، ويحافظ على حقوق المواطنين الذين يعيشون في هذا البلد؟! نعم نحن بحاجة إلى ماهر في هذه الوظيفة يدافع عن المظلومين، ألسنا نظلم بصفة عامة في هذه الحياة؟ مليون مرة يحصل الظلم، سواء على مستوى كبير أو صغير، أو مستوى جارك، أو مستوى حكومي أو فردي.
إذاً: من الذي يرد لك هذا الحق؟ ما دام لا يوجد قانون شرعي (100%) كشرع الله عز وجل فهل أترك أرضي لمن يأخذها ولا أتكلم؟ ويأخذ فلان داري فلا أتكلم؟ ويصدمني آخر بسيارته فلا أتكلم؟ ويخرجني هذا من عملي فلا أتكلم؟ ويعتقلني شخص فلا أتكلم؟ هذا لا ينفع، لا بد أن تذهب إلى شخص يخرجك من هذه الأزمة ومن هذه المشكلة، فهذه ثغرة محتاجة لشخص عنده ضمير وعنده علم وتقوى لله عز وجل؛ لكي يسد هذه الثغرة.
نعم قد يقول قائل: ليس في يدي أن أغير قوانين البلد، نقول: أنت في يديك أن تكشف الأوراق، فأ