أنا أعلم علم اليقين أن هذا الموضوع سوف يزعج الكثيرين من أهل العلم والفضل، لأنه قد يُظهر النقص في بعض الجوانب من حياة هذا العالم، -ونحن كلنا فينا النقص والعيب والخلل- لأن الله تعالى وصف الإنسان في كتابه الكريم فقال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا}.
ومما هو متقرر في العقول أنه لا يوجد من هو كامل في كل شيء من جميع الجوانب التعبدية، فقد يكون ناجحا في طلب العلم وحفظه ونشره، ولكنه في جوانب أخرى ضعيف وراسب، في قيام الليل، وصيام النهار، وصلة الأرحام، والجهاد في سبيل الله .... وغير ذلك من العبادات.
وقد يكون الشخص قويا في عبادة التهجد والصيام والدعوة إلى الله، وضعيفا في عبادة طلب العلم وحفظه، وقد يكون شخص آخر قويا في عبادة الجهاد ومقاومة الأعداء، ولكنه ضعيف في طلب العلم وحفظه، والله يقسم الأرزاق بحسب حكمته وعدله ورحمته وفضله.
فلماذا نغضب عندما يصارحنا شخص بجوانب النقص والخلل والضعف في حياتنا ونسيء به الظن فنقول أنه "يتنقَّص العلماء" مع أن الاعتراف بالحق فضيلة ينبغي أن نقبلها بصدر رحب وبكل شفافية وأريحيَّة، قال تعالى: (بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)، فكل إنسان يعرف في قرارة نفسه حقيقة ما هو عليه.
بعض الناس يتقبل عندما تقول له: إن العالم الفلاني لا يقوم الليل ولا يصوم النهار لأنه مشغول بطلب العلم وتأليف الكتب وتدريس الطلاب، فهو مشغول بما هو أهم من هذا لأن نفع العلم متعدِّي، ونفع هذه العبادات قاصر على الشخص نفسه، فهو يتقبل هذا الأمر بكل بساطة ومن غير انزعاج ولا توتر.