الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال أبو جعفر الطبري شيخ المفسرين في قول الله {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ}: يعني جل ثناؤه بقوله:"لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون"، لا يعتدل المتخلِّفون عن الجهاد في سبيل الله من أهل الإيمان بالله وبرسوله، المؤثرون الدعةَ والخَفْض وَالقُعودَ في منازلهم على مُقاساة حُزُونة الأسفار والسير في الأرض، ومشقة ملاقاة أعداء الله بجهادهم في ذات الله، وقتالهم في طاعة الله، إلا أهل العذر منهم بذَهَاب أبصارهم، وغير ذلك من العِلل التي لا سبيل لأهلها - للضَّرَر الذي بهم - إلى قتالهم وجهادهم في سبيل الله"والمجاهدون في سبيل الله"، ومنهاج دينه، لتكون كلمة الله هي العليا، المستفرغون طاقَتهم في قتال أعداءِ الله وأعداءِ دينهم بأموالهم، إنفاقًا لها فيما أوهَن كيد أعداء أهل الإيمان بالله وبأنفسهم، مباشرة بها قتالهم، بما تكون به كلمة الله العالية، وكلمة الذين كفروا السافلة.