قال: عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من الكتاب فجعلت اختلف إلى الدَّاخِلِيّ، فقال يومًا فيما كان يقرأ للناس: سفيان، عن أبي الزُّبير، عن إبراهيم، فقلت: إن أبا الزُّبير لم يرو عن إبراهيم فانْتَهَرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل إن كان عندك، فدَخَلَ، فنظر فيه فَرَجَعَ، فقال: كيف هو يا غلام؟ فقلت: هو الزُّبَيْر، وهو ابن عَدِيّ عن إبراهيم، فأخذ القلم، وأصلح كتابه وقال لي: صدقت، فقال له إنسان: ابن كم كنت حين رَدَدْتَ عليه؟ فقال: ابن إحدى عشرة سنة، قال: ولما طَعنْت في ثاني عشرة صنفت كتاب "قضايا الصحابة والتابعين"، ثم صنفت "التاريخ" في المدينة عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وكنت أكتبه في الليالي المقمرة، قال: وقَلَّ اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة، إلا أني لا أريد أن أُطَوِّل الكتاب.

وقال محمَّد بن أبي حاتم الورّاق عن البُخاري: كنت في مجلس الفريابي، فقال: حدثنا سفيان، عن أبي عُروة، عن أبي الخَطّاب، عن أبي حَمْزة، فلم يعرف أحد في المجلس مَنْ فوق سفيان، فقلت لهم: أبو عروة هو مَعْمر بن راشد، وأبو خطاب: هو قَتادة بن دعامة، وأبو حمزة: هو أنس بن مالك، قال: وكان الثَّوْريُّ فعولًا لذلك، يعني المشهورين.

وقال حاشِد بن إسماعيل: كان البُخاري يختلف معنا إلى مشايخ البصرة، وهو غلامٌ، فلا يكتُبُ حتى أتى على ذلك أيام، فلُمناه بعد ستة عشر يومًا، فقال: قد أكثرتم عليّ فاعرضوا علي ما كَتَبْتُم، فأخرجناه، فزاد على خمسةَ عشر ألف حديث، فقرأها كلَّها عن ظهرِ قلبٍ حتى جَعَلْنَا نُحْكِمُ كتبنا من حفظه.

وقال محمَّد بن الأزهر السِّجِسْتاني: كنت في مجلس سُليمان بن حرب، والبخاري معنا، يسمع ولا يكتُب، فقيل لبعضهم: ماله لا يكتب؟ فقال: يرجِع إلى بخارى ويكتب من حفظه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015