ومعه أم أيمن، فنزلت به دار التبابعة، فأقامت عندهم شهرًا، فكان - صلى الله عليه وسلم - يذكر أمورًا كانت في مقامه ذلك، ونظر إلى الدار، فقال: ها هنا نزلت بي أمي، وأحسنتُ العوم في بئر بني عدي بن النجار، وكان قوم من اليهود يختلفون، ينظرون إلي، فقالت أم أيمن: سمعت أحدهم يقول: هو نبي هذه الأمة، وهذه دار هجرته، فوعيت ذلك كله من كلامهم، ثم رجعت به أمه إلى مكة، فلما كانت بالأبواء توفيت.

موت أمه آمنة صلى الله تعالى عليه وسلم

قالت أسماء بنت رهم عن أمها: شهدت آمنة أمَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - في علتها التي ماتت فيها، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - عند رأسها، وهو ابن خمس سنين، فنظرت إلى وجهه فقالت:

بارَكَ ربِّي فيكَ مِن غُلام ... يا ابنَ الذي من حَوْمَةِ الحمام

تبايعوا في الملك النعام ... فُودِيَ غَداةَ الضَّربِ بالسِّهامِ

بمائةٍ مِن إبلٍ سَوَام ... إن صَحَّ ما أبصرتُ في المَنَامِ

فأَنْت مبعوثٌ إلى الأنام ... مِن عند ذي الجلالِ والإكرامِ

تُبعَثُ في الحِلِّ وفي الحَرام ... تُبْعَثُ في التحقيق والإِسلام

دين أبيكَ البَرِّ إبراهامِ ... فالله أنهاك عن الأَصْنامِ

أن لا تواليها مع الأقوامِ

ثم قالت: كُلُّ حي ميت، وكُلُّ جديد بال، وكُلُّ كثير يفنى، وأنا ميتة، وذكري باق، وقد تركتُ خيرًا، وولدتُ طهرًا، ثم ماتت، وكنا نسمع نوحَ الجن عليها، فحفظنا من ذلك هذه الأبيات:

نَبْكي الفَتاةَ البَرَّةَ الأمينَهْ ... ذاتَ الجَمال العَفَّةَ الرَّزينَهْ

زوجَةَ عبدِ الله والقَرينهْ ... أم نبيِّ اللهِ ذي السَّكينهْ

وصاحِبِ المنبرِ بالمَدينهْ ... صارت لدى حَضرتها رَهينَهْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015