ولم يجعل الله تبارك وتعالى في يوم الاثين يوم مولده - صلى الله عليه وسلم - من التكاليف ما جعل في يوم الجمعة المخلوق فيه آدم من الجمعة والخطبة إكرامًا لنبيه - صلى الله عليه وسلم - بالتخفيف عن أمته عناية بوجوده، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، من جملة ذلك عدم التكليف.
وقيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - وُلِدَ ليلًا، فروى الحاكم عن عائشة قالت: كان بمكة يهودي يتجر فيها، فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا معشر قريش، هل وُلِدَ فيكم الليلة مولود؟ قالوا: نعم. قال: ولد الليلة نبي هذه الأمة الأخيرة، بين كتفيه علامة فيها شعرات متواتراتٌ، كأنها عَرْفُ فرس؛ فخرجوا باليهودي حتى أدخلوه على أمه، فقالوا: أخرجي لنا ابنك، فأخرجته، وكشفوا عن ظهره، فرأى تلك الشامة، فوقع اليهودي مغشيًا عليه. فلما أفاق قالوا: مالك ويلك، قال: ذهبت والله النبوة من بني إسرائيل.
قال بدر الدين الزركشي: الصحيح أن ولادته كانت نهارًا، وأما ما روي من تدلي النجوم، فضعفه ابن دحية لاقتضائه أن الولادة ليلًا، قال: وهذا لا يصلح أن يكون تعليلًا؛ فإن زمان النبوة صالح للخوارق، ويجوز أن تسقط النجوم نهارًا.
قلت: لا يحكم ببطلان الأحاديث إلا بدليلٍ قاطع على بطلانها، وتدلي النجوم ليلة ولادته ويكون هو عليه الصلاة والسلام إنما يُولد نهارًا تقدمة على ولادته ممكن غيرُ مُنافٍ لولادته نهارًا على ما هو الصحيح.
وعلى القول بأنه - صلى الله عليه وسلم - وُلِدَ ليلًا؛ فهل ليلة ولادته أفضل أم ليلة القدر؟
والجواب: أن ليلة مولده عليه الصلاة والسلام، أفضلُ من ليلة القدر لثلاثة وجوه.