رواية المستملي: حرم بفتحتين على أنه خبر مقدم، وما بين لابتي المدينة المبتدأ، ويؤيد الأول ما رواه أحمد عن عبيد الله بن عمر في هذا الحديث بلفظ: "إن الله عَزَّ وَجَلَّ حرّم على لساني ما بين لابتي المدينة" ونحوه للإسماعيلي عن عبيد الله، وقد مرَّ الكلام في اللابتين في الحديث الأول، وزاد مسلم في بعض طرقه، وجعل اثني عشر ميلًا حول المدينة حمىً، وروى أبو داود عن عدي بن زيد قال: حمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل ناحية من المدينة بريدًا بريدًا، لا يخبط شجره ولا يعضد إلا يساق به الجمل.
وقوله: "وأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بني حارثة" في رواية الإسماعيلي: جاء بني حارثة وهم في سند الحرة، أي: في الجانب المرتفع منها، وبنو حارثة -بمهملة ومثلثة- بطن مشهور من الأوس، وهم حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس، وكان بنو حارثة في الجاهلية، وبنو عبد الأشهل في دار واحدة، ثم وقعت بينهم الحرب، فانهزمت بنو حارثة إلى خيبر فسكنوها، ثم اصطلحوا فرجع بنو حارثة، فلم ينزلوا في دار بني عبد الأشهل، وسكنوا في دراهم هذه وهي غربي مشهد حمزة.
وقوله: "بل أنتم فيه" زاد الإسماعيلي: بل أنتم فيه أعادها تأكيدًا، وفي هذا الحديث جواز الجزم بما يغلب على الظن، وإذا تبين أن اليقين على خلافه رجع عنه.
قد مرّوا: مرَّ إسماعيل بن أبي أويس في الخامس عشر من الإيمان ومرَّ أخوه عبد الحميد في الحادي والستين من العلم، ومرَّ سليمان بن بلال، وأبو هريرة في الثاني من الإيمان، ومرَّ سعيد المقبري في الثاني والثلاثين منه، ومرَّ عبيد الله العمري في الرابع عشر من الوضوء.
فيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة، ورواته كلهم مدنيون، وفيه رواية الأخ عن الأخ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ، وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: الْمَدِينَةُ حَرَمٌ، مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ، وَقَالَ: ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ، وَمَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ.