واختلف في الشهر الذي ولد فيه، والمشهور أنه ولد في ربيع الأول وهو قول جمهور العلماء. ونقل ابن الجوزي الاتفاق عليه. وفيه نظر فقد قيل: في صفر، وقيل: في ربيع الآخر، وقيل: في رجب، ولا يصح، وقيل: في رمضان، ونقل عن ابن عمر، بإسناد لا يصح، وهو موافق لمن قال: إن آمنة حملت به في أيام التشريق. وأغرب من قال: ولد في عاشوراء.
واختلف أيضًا في أي يوم وُلِدَ من الشهر، فقيل: إنه غير معين، إنما ولد يوم الاثنين من ربيع الأول من غير تعيين؛ والجمهورُ على أنه معين منه، فقيل: لليلتين خلتا منه، وقيل: لثمان خلت منه، وهو اختيارُ أكثر أهل الحديث، وأكثر من له معرفة بهذا الشأن، وقيل: لعشر خلت منه، وقيل: لاثنتي عشر، وقيل: لسبع عشرة، وقيل: لثمان عشرة، وقيل: لثمان بقين منه، وهذان القولان الأخيران غير صحيحين عمن حكيا عنه.
والمشهور من هذا الخلاف أنهُ ولد ثاني عشر ربيع الأول، وإنما كانت ولادته - صلى الله عليه وسلم - في شهر ربيع الأول، ولم تكن في شيء من الأشهر ذوات الشرف؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يتشرف بالزمان، وإنما يتشرف به الزمان والمكان؛ فلو وُلِدَ في شهر من الشهور المشرفة، كرمضان وذي الحجة والمحرم ورجب، لتوهم أنه تشرَّف بها؛ فجعل الله تعالى مولده، عليه الصلاة والسلام في غيرها ليظهر عنايته به، وكرامته عليه، وإذا كان يوم الجمعة الذي خلق فيه آدم خص بساعة لا يصادفها عبد مسلم، يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه، فما بالك بالساعة التي ولد فيها سيد المُرسلين عليه الصلاة والسلام.