المنذر عن أبي هريرة زيادة ذكر الذيب والنمر من تفسير الراوي للكلب العقور، ووقع ذكر الذيب في حديث مرسل، أخرجه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وأبو داود عن سعيد بن المسيب، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يقتل المحرم الحية والذيب" ورجاله ثقات، وأخرج أحمد عن ابن عمر قال: أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بقتل الذيب للمحرم وفيه حجاج، وهو ضعيف وخالفه مسعر عن وبرة موقوفًا، أخرجه ابن أبي شيبة فهذا جميع ما وقف عليه في الأحاديث المرفوعة زيادة على الخمس المشهورة، ولا يخلو شيء من ذلك من مقال.
وقوله: "من الدواب" بتشديد الموحدة جمع دابة: وهو ما دب من الحيوان وقد أخرج بعضهم منها الطير، لقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} الآية وهذا الحديث يرد عليه فإنه ذكر في الدواب الخمس، الغراب، والحدأة، ويدل على دخول الطير أيضًا عموم قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} وقوله تعالى {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} الآية وعند مسلم عن أبي هريرة في صفة بدء الخلق، وخلق الدواب يوم الخميس، ولم يفرد الطير بذكر، وقد تصرف أهل العرف في الدابة فمنهم من يخصها بالحمار، ومنهم من يخصها بالفرس، وفائدة ذلك تظهر في الحلف.
وقوله: "كلهن فاسق يقتلن" قيل: فاسق صفة لكل وفي يقتلن ضمير راجع إلى معنى كل، ووقع في رواية مسلم من هذا الوجه: كلها فواسق، وفي رواية معمر التي في بدء الخلق: خمس فواسق، قال النووي: هو بإضافة خمس لا بتنوينه، وجوز ابن دقيق العيد الوجهين وأشار إلى ترجيح الثاني فإنه قال: رواية الإضافة تشعر بالتخصيص فيخالفها غيرها في الحكم من طريق المفهوم، ورواية التنوين تقتضي وصف الخمس بالفسق من جهة المعنى فيشعر بأن الحكم المرتب على ذلك، وهو القتل معلل بما جعل وصفًا، وهو الفسق فيدخل فيه كل فاسق من الدواب، ويؤيده رواية يونس التي في حديث الباب، وقد مرَّ أن قوله: "فاسق" صفة لكل مذكر، وأن قوله: "يقتلن" فيه ضمير راجع إلى معنى كل، وهو جمع، وهو تأكيد لخمس، تعقب هذا في المصابيح بأن الصواب أن يقال خمس مبتدأ وسوغ الابتداء به مع كونه نكرة وصفه ومن الدواب في محل رفع على أنه صفة لخمس. وقوله: "يقتلن" جملة فعلية في محل رفع على أنها خبر المبتدأ الذي هو خمس، وأما جعل كلهن تأكيد لخمس، فمما يأباه البصريون، وجعل فاسق صفة لكل خطأ ظاهر، والضمير في يقتلن راجع إلى خمس لا إلى كل إذ هو خبره، ولو جعل خبر كل امتنع الإتيان بضمير الجمع لأنه لا يعود عليها الضمير من خبرها إلاَّ مفردًا مذكرًا على لفظها، على ما صرح به ابن هشام في المغني، وعبر بقوله: فاسق بالإفراد، وفي رواية مسلم: فواسق بالجمع، وذلك أن كل اسم موضوع لاستغراق أفراد المنكر نحو {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} والمعرف المجموع نحو {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} وأجزاء المفرد المعرف نحو كل زيد حسن، فإذا قلت: أكلت