كذا ساق منه هذا القدر، وأحال به على الطريق التي بعده، وفيه إشارة منه إلى تفسير المبهمة فيه بأنها المسماة في الرواية الأخرى حفصة، وقد أخرجه أبو نعيم في المستخرج، عن مسدد بإسناد البخاري، وبقيته كرواية حفصة، إلاَّ أن فيه تقديمًا وتأخيرًا في بعض الأسماء، وأخرجه مسلم عن شيبان، وزاد فيه شيئًا، ولفظه: سأل رجل ابن عمر: ما يقتل الرجل من الدواب وهو محرم؟ فقال: حدثتني إحدى نسوة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور، والفأرة، والعقرب، والحدأة، والغراب، والحية، قال: وفي الصلاة أيضًا، فلم يقل في أوله خمسًا، وزاد الحية، وزاد في آخره ذكر الصلاة، لينبه بذلك على جواز قتل المذكورات في جميع الأحوال، ولم أر هذه الزيادة في غير هذه الطريق، فقد أخرجه مسلم والإسماعيلي عن زيد بن جبير، بدون هذه الزيادة.

رجاله أربعة:

قد مرّوا: مرَّ مسدد في السادس من الإيمان، ومرَّ أبو عوانة في الخامس من بدء الوحي، ومرَّ زيد بن جبير في العاشر من الحج، ومرَّ محل ابن عمر في الذي قبله.

الحديث الثاني والعشرون

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بن الفرج، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: قَالَتْ حَفْصَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لاَ حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ.

قوله: "عن سالم" في رواية مسلم: أخبرني سالم.

وقوله: قال عبد الله في رواية مسلم: قال لي عبد الله.

وقوله: "قالت حفصة" في رواية الإسماعيلي: عن حفصة، وهذا والذي قبله قد يوهم أن عبد الله بن عمر لم يسمع هذا الحديث من النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن وقع في بعض طرق نافع عنه: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم-، أخرجه مسلم عن ابن جريج قال: أخبرني نافع، وقال مسلم بعده لم يقل أحد: عن نافع، عن ابن عمر: سمعت إلا ابن جريج، وتابعه محمد بن إسحاق، عن نافع كذلك، والظاهر أن ابن عمر سمعه من أخته حفصة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسمعه أيضًا من النبي -صلى الله عليه وسلم- يحدث به حين سئل عنه، فقد وقع عند أحمد: عن نافع، عن ابن عمر قال: نادى رجل، ولأبي عوانة في المستخرج من هذا الوجه أن أعرابيًا نادى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما نقتل من الدواب إذا أحرمنا؟ والظاهر أن المبهمة في رواية زيد بن جبير هي: حفصة، ويحتمل أن تكون عائشة، وقد رواه ابن عيينة عن ابن شهاب فأسقط حفصة من الإسناد، والصواب إثباتها في رواية سالم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015